للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ، وَفِي أُخْرَى لَهُمَا: . . . . .

ــ

حصين قال: ثم سلم، وجاء في رواية أنه سئل ابنُ سيرين: هل في سجدتي السهو تشهد؟ قال: ليس في حديث أبي هريرة تشهد، وأَحبُّ إلي أن يتشهد، وسيجيء في الفصل الثاني من حديث عمران بن حصين أنه تشهد ثم سلّم.

ثم اعلم أن لشراح الحديث في بيان علوم هذا الحديث كلامًا طويلًا، واستوفاه الشيخ في (فتح الباري) (١) ولو ثقلناه جميعًا لطال الكلام، ولكن نورد ههنا كلامين يهمّ نقلهما: أحدهما في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (كل ذلك لم يكن) أي: لا قصرٌ ولا نسيان، وهذا إخبار على خلاف الواقع. وقد أجمعوا على عدم جواز السهو في الأخبار، والخلاف إنما هو في الأفعال، والثاني في وقوع التكلم وأفعالٍ أُخر منه -صلى اللَّه عليه وسلم- مع إتمام الصلاة وعدم استئنافها.

وقيل في الجواب عن الإشكال الأول: إن عدم جواز النسيان في الأقوال والأخبار إنما هو إذا كان متعلقًا بتبليغ الشرائع والوحي لا في جملة الأخبار، وهذا الجواب ضعيف، إذ الإخبار بخلاف الواقع كذب ومنقصة يجب تنزيهه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك، وقد علم بيقينٍ عادةُ الصحابة -رضي اللَّه عنهم- في المبادرة إلى تصديق أقواله والثقة بجميع أخباره -صلى اللَّه عليه وسلم- في أيّ باب كان وأيّ شيء كان، وهذا مذهب جمهور العلماء، وهم يؤوِّلون قوله: (كل ذلك لم يكن) بأن المراد: في اعتقادي هكذا، لا في نفس الأمر، وهذا خبر صادق بلا شبهة، أو هو كناية عن عدم الشعور فكأنه قال: لم أشعر، وهذا أيضًا صادق، وقيل: إن النسيان في هذا القول تابع للنسيان في الفعل وفي حكمه، ولا محذور فيه، ولزوم الكذب مندفع بما ذكر، وههنا أجوبة في غاية الضعف والبعد نقلناها في شرح (سفر السعادة) (٢).


(١) "فتح الباري" (٣/ ١٠١).
(٢) "شرح سفر السعادة" (ص: ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>