يا ويله، أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار)، ولا يخفى أن دلالة هذا الحديث على الوجوب يحتاج إلى تأمل، ولعل وجهه أنه يفهم من سياق الحديث أن ابن آدم لو لم يسجد لاستحق النار مثل الشيطان.
وقال الشيخ ابن الهمام (١): إن الحكيم إذا حكى عن غير الحكيم كلامًا, ولم يعقبه بالإنكار كان دليل صحته، فهذا الحديث ظاهر في الوجوب، وقال أيضًا: آيات السجدة ثلاثة أقسام، قسم فيه الأمر الصريح بالسجود، وقسم يتضمن حكاية استنكاف الكفرة، واستكبارهم عن امتثال الأمر بالسجود، وقسم فيه حكاية فعل الأنبياء والمؤمنين السجود ومدحهم به، وكل من الامتثال ومخالفة الكفرة والاقتداء بالأنبياء واجب، إلا أن يدل دليل في موضع معين على عدم اللزوم والوجوب، لكن هذه الدلائل ظنية لا تخلو عن شبهة فيثبت به الوجوب لا الفرضية، انتهى.
وما جاء في الأحاديث من التأكيد والمبالغة في أدائه من نحو ما جاء عن ابن عمر من حديث الشيخين وأبي داود: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرأ السجدة ونحن عنده فيسجد ونسجد معه، فيزدحم حتى ما يجد أحدنا لجبهته موضعا يسجد عليه، وما جاء منه من حديث أبي داود: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قرأ عام الفتح سجدة فسجد الناس كلهم، منهم الراكب والساجد على الأرض حتى إن الراكب يسجد على يده، مما يستأنس به على الوجوب؛ فإن الظاهر أن هذه المبالغة في الازدحام لا تكون في غير الواجب، وقد أورد هذين الحديثين في "جامع الأصول" لإثبات وجوب سجدة التلاوة.
وتمسك القائلون بعدم الوجوب بحديث زيد بن ثابت -رضي اللَّه عنه- في الصحيحين قال: