قرأت على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- النجم فلم يسجد، ولو كان واجبًا لسجد هو -صلى اللَّه عليه وسلم- وأمر زيدًا بالسجود، وهذا ضعيف لأنه لا يدل على نفي الوجوب؛ لأن الوجوب ههنا ليس على الفور، فلعله فعله في مجلس آخر، ويحتمل أن قراءة زيد كان في وقت الكراهة، أو على غير طهارة، أو كان ذلك لبيان أنه غير واجب على الفور، أو كان مخصوصًا بسجدة النجم، وفيه اختلاف، وعلى كل تقدير فلا يتم حجة على عدم وجوب مطلق السجدة، وأما ما جاء من حديث عمر -رضي اللَّه عنه- في (الموطأ) و"صحيح البخاري" أنه قرأ السجدة، وهو على المنبر يوم الجمعة، فنزل فسجد وسجد الناس معه، ثم قرأها يوم الجمعة الأخرى فتهيأ الناس للسجود فقال:(على رسلكم إن اللَّه لم يكتبها علينا إلا أن نشاء)، وفي رواية:(إنا نمر على آية السجدة فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه)، فصريح في عدم الوجوب، اللهم إلا أن يراد نفي الوجوب على الفور كما قال الشيخ ابن الهمام، لكن هذا التأويل بعيد ههنا من لفظ الحديث، ويمكن أن يقال: لعله كان ذلك مذهب عمر -رضي اللَّه عنه-، ولم يعلم اتفاق من عداه من الصحابة سوى من كان معه في المجلس، واللَّه أعلم.
والصواب أن يقال: لما كانت الأحاديث متعارضة كان الاحتياط في القول بالوجوب، والشبهة في الدليل لا تنافي الوجوب، ثم الطهارة شرط لسجدة التلاوة بالاتفاق، وروى البخاري تعليقًا: أن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- كان يسجد على غير وضوء، كذا في رواية الأكثر، ووقع في رواية الأصيلي بحذف (غير)، والصواب إثبات (غير) لأن المعروف عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنه كان يسجد على غير وضوء، فقد جاء عن سعيد بن جبير: كان ابن عمر ينزل عن راحلته فيهريق الماء، ثم يركب فيقرأ السجدة فيسجد وما يتوضأ، كذا قال