للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كذا في (الهداية) (١).

فإن قلت: فما معنى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة)، والمساواة في القراءة توجب المساواة في العلم على هذا التأويل، قلنا: ذلك بحسب الظاهر وغالب الأمر لا قطعًا وكليًّا، فقد كان أبي بن كعب أقرأ وابن مسعود أعلم وأفقه، فجاز تصور المساواة في القراءة مع التفاوت في العلم، فالشارع بيّن حكم هذا الممكن المتصور لو اتفق وقوعه، أو نقول: قال ذلك بحسب زماننا، كذا في بعض شروح (الهداية).

وقال الشيخ ابن الهمام (٢): إنما كان أقرؤهم أعلمهم بأحكام الكتاب فإنهما متلازمان على ما ادعوا، فقال: وإن كانوا في القراءة والعلم بأحكام الكتاب سواء فأعلمهم بالسنة، وللشيخ في هذا المقام كلام طويل فراجعه، وقال: وأحسن ما يستدل به لتقديم الأعلم على الأقرأ حديث: (مروا أبا بكر فليصل بالناس)، وكان ثمة من هو أقرأ منه لا أعلم، دليلُ الأول قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (أقرأكم أبي)، ودليل الثاني قول أبي سعيد: كان أبو بكر -رضي اللَّه عنه- أعلمنا، وهذا آخر الأمر من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيكون المعوَّل عليه، انتهى.

ثم إن تساووا في العلم والقراءة فالأولى عندنا الأورع الأتقى، وذلك أنه قد ورد في الحديث بعد التساوي في العلم والقراءة التقديم بأقدمية الهجرة، وقد انتسخ وجوب الهجرة، فقدموا مكانها الهجرة عن الخطايا، وفي الحديث: (المهاجر من هجر الخطايا


(١) "الهداية" (١/ ٥٧).
(٢) انظر: "فتح القدير" (١/ ٣٤٧ - ٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>