مع اختلاف في ألفاظها، وعندنا السنة قبل الظهر أربع، وقد جاء فيها أيضًا أحاديث عن أم المؤمنين عائشة وأم حبيبة -رضي اللَّه عنهما- فهو محمول على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي تارة أربعًا وأخرى ركعتين، فكل واحد وصف ما رأى، وعقد الترمذي بابًا للأربع قبل الظهر، وأورد حديثًا عن علي -رضي اللَّه عنه- قال (١): كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي قبل الظهر أربعًا وبعدها ركعتين، وقال: وفي الباب عن عائشة وأم حبيبة، وحديث علي -رضي اللَّه عنه- حديث حسن، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن بعدهم، يختارون أن يصلي الرجل قبل الظهر أربع ركعات، وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وإسحاق رحمهم اللَّه، وقال بعض أهل العلم: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، يرون الفصل بين [كلِّ] ركعتين، وبه يقول الشافعي وأحمد رحمهما اللَّه، انتهى.
والحديث في أربع قبل الظهر كثيرة، وجاء عند الشافعي وأحمد رحمهما اللَّه أيضًا أربع، ولكن بتسليمتين، والوجه ما أشار إليه الترمذي، وبالجملة وجه التطبيق بين الأحاديث الواردة في أربع والواردة في ركعتين إما بأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي في بيته أربعًا فرأته عائشة -رضي اللَّه عنها-، وكان يصلي ركعتين إذا أتى المسجد تحية للمسجد فظنه ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنها سنة الظهر، وإما بأن اعتقاد ابن عمر أن سنة الظهر ركعتان، والأربع صلاة أخرى كان يصليها وقت فيء الزوال، لأنها يفتح عندها أبواب السماء، كما سيأتي، واللَّه أعلم.
وقوله:(في بيته) ظاهر العبارة يدل على أن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- صلى معه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن صلى في بيت حفصة -رضي اللَّه عنهما-، أو حال من رسول، اللَّه أي حال كونه مصليًا في بيته، واللَّه أعلم.