التعبد، وكذا القول بالوجوب، فقد جاءت الروايات مختلفة، وجاء في بعض الأحاديث الصحيحة أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى الركعتين فخرج بدون ذكر الاضطجاع، فالقول المختار ما ذهب إليه جمهور العلماء أنه مستحب، وقال الإمام أبو حنيفة -رضي اللَّه عنه-: إن كان للاستراحة ودفع الثقل والتعب الحاصل من صلاة الليل فحسن، وفعلُه -صلى اللَّه عليه وسلم- أيضًا كان لهذا، واللَّه أعلم.
وأما الثاني وهو الاضطجاع على الشق الأيمن، وهكذا كان عادته الكريمة في الاضطجاع في الأحوال كلها، فقالوا: الحكمة فيه أن لا يستغرق في النوم؛ لأن القلب الذي هو المضغة الصنوبرية معلق في جهة اليسار، فلو نام على شقه الأيسر لاستقر القلب وغلبته الاستراحة واستغرق النوم لكونه أغلب في الراحة، وإذا اضطجع على شقه الأيمن يكون القلب معلقًا فلا يستريح فلا يستغرق النوم، ولهذا اختار الأطباء النوم على الشق الأيسر طلبًا لراحة القلب وهضم الطعام لتوجه الحرارة الغريزية إلى داخل البدن في حالة النوم، ومتى كان النوم أغلب وأغرق كانت الراحة وهضم الطعام أقوى وأوفر، وصاحب الشرع اضطجع على الشق الأيمن طلبًا لخفة النوم وتيسر قيام الليل، ويلزم منه رعاية تقليل الطعام أيضًا.
ثم اعلم أنه قد جاء في الأحاديث الصحيحة أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان ينام في هذا الاضطجاع حتى يسمع غطيطه، ثم يقوم ويصلي ولا يتوضأ، وعدم نقض الطهارة بالنوم من خصائصه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقيل: من خصائص الأنبياء صلوات اللَّه وسلامه عليهم أجمعين، وقد سبق مما يتعلق بهذا الكلام في (باب الأذان) في قصة ليلة التعريس.
١١٩١ - [٤](وعنها) قوله: (منها الوتر) ركعة أو ثلاث، ومنها (ركعتا الفجر)