للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٢٣ - [٥] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا. . . . .

ــ

هي عارية، والجملة صفة.

١٢٢٣ - [٥] (أبو هريرة) قوله: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا) وروي: يهبط من السماء العليا إلى السماء الدنيا، النزول والهبوط والصعود والحركات من صفات الأجسام، واللَّه تعالى متعال عنه، والمراد: نزول الرحمة وقربُه تعالى من العباد بإنزال الرحمة وإفاضة الأنوار وإجابة الدعوات وإعطاء المسائل ومغفرة الذنوب، وعند أهل التحقيق النزول صفة الرب تعالى وتقدس يتجلى بها في هذا الوقت يُؤْمَن بها ويُكَفُّ عن التكلم بكيفيتها كما هو حكم سائر الصفات المتشابهات مما ورد في الشرع كالسمع والبصر واليد والاستواء ونحوها، وهذا هو مذهب السلف، وهو أسلم، والتأويل طريقة المتأخرين، وهو أحكم (١).


(١) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَشِبْهِهِ مِنْ أَحَادِيثِ الصَّفَاتِ وَآيَاتِهَا مَذْهَبَانِ مَشْهُورَانِ، فَمَذْهَبُ جُمْهُورِ السَّلَفِ وَبَعْضِ الْمُتَكَلَّمِينَ الإِيمَانُ بِحَقِيقَتِهَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ تَعَالَى، وَأَنَّ ظَاهِرَهَا الْمُتَعَارَفَ فِي حَقَّنَا غَيْرُ مُرَادٍ، وَلَا نَتَكَلَّمُ فِي تَأْوِيلِهَا مَعَ اعْتِقَادِنَا تَنْزِيهَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَنْ سَائِرِ سِمَاتِ الْحُدُوثِ. وَالثَّانِي: مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ، وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَالأَوْزَاعِيِّ: إِنَّمَا تُتَأَوَّلُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهَا بِحَسَبِ بَوَاطِنِهَا، فَعَلَيْهِ: الْخَبَرُ مُؤوَّلٌ بِتَأْوِيلَيْنِ، أَي: الْمَذْكُورَيْنِ، وَبِكَلَامِهِ وَبِكَلَامِ الشَّيْخِ الرَّبَّانِيِّ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيَّ، وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَغَيْرِهِمْ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَذْهَبَيْنِ مُتَّفِقَانِ عَلَى صَرْفِ تِلْكَ الظَّوَاهِرِ، كَالْمَجِيءِ، وَالصُّورةِ، وَالشَّخْصِ، وَالرِّجْلِ، وَالْقَدَمِ، وَالْيَدِ، وَالْوَجْهِ، وَالْغَضَبِ، وَالرَّحْمَةِ، وَالِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ، وَالْكَوْنِ فِي السَّمَاءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمُّا يُفْهِمُهُ ظَاهِرُهَا؛ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ مَجَالَاتٍ قَطْعِيَّةِ الْبُطْلَانِ تَسْتَلْزِمُ أَشْيَاءَ يُحْكَمُ بِكُفْرِهَا بِالإِجْمَاعِ، فَاضْطَرَّ ذَلِكَ جَمِيعَ الْخَلَفِ وَالسَّلَفِ إِلَى صَرْفِ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ نَصْرِفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ مُعْتَقِدِينَ اتِّصَافَهُ سُبْحَانهُ بِمَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ نؤُوَّلَهُ بِشَيْءٍ آخَرَ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ أَهْلِ السَّلَفِ، =

<<  <  ج: ص:  >  >>