للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: . . . . .

ــ

وقوله: (حين يبقى ثلث الليل الآخر) ووجه تخصيص الثلث الآخر من الليل: وجود خلوص النية من العباد في عبادة اللَّه والتعرض لنفحاته مع صفاء الباطن بانهضام الطعام وخلو المعدة، وبالجملة هو وقتُ جعله اللَّه تعالى محلَّ ظهور الأسرار وهبوط الأنوار كما يجده أهل الذوق والعرفان، قال بعض المشايخ: مما خلق اللَّه في الدنيا أنموذجًا من نعيم الجنة ولذاتها ما يجده أهل العبادة في هذا الوقت من الذوق والتملق ومناجاة الحق وذكره وحضور القلب والسكون والطمأنينة، رزقنا اللَّه.

وقوله: (فأستجيب له) بالنصب على لفظ المتكلم، وكذا (فأعطيه) و (فأغفر له) جوابًا للاستفهام.


= وَفِيهِ تَأْوِيلٌ إِجْمَالِيٌّ، أَوْ مَعَ تَأْوِيِلِهِ بِشَيْءٍ آخَرَ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْخَلَفِ وَهُوَ تَأْوَيلٌ تَفْصِيِليٌّ، وَلَمْ يُرِيدُوا بِذَلِكَ مُخَالَفَةَ السَّلَفِ الصَّالِحِ، مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا دَعَتِ الضَّرُورَةُ فِي أَزْمِنَتِهِمْ لِذَلِكَ؛ لِكَثْرَةِ الْمُجَسِّمَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ فِرَقِ الضَّلَالَةِ، وَاسْتِيلَائِهِمْ عَلَى عُقُولِ الْعَامَّةِ، فَقَصَدُوا بِذَلِكَ رَدْعَهُمْ وَبُطْلَانَ قَوْلِهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ اعْتَذَرَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَقَالُوا: لَوْ كُنَّا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ مِنْ صَفَاءِ الْعَقَائِدِ وَعَدَمِ الْمُبْطِلِينَ فِي زَمَنِهِمْ لَمْ نَخُضْ فِي تَأْوِيلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ مَالِكًا وَالأَوْزَاعِيَّ وَهُمَا مِنْ كِبَارِ السَّلَفِ أَوَّلَا الْحَدِيثَ تَأْوِيلًا تَفْصِيلِيًّا، وَكَذَلِكَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ أَوَّلَ الِاسْتِوَاءَ عَلَى الْعَرْشِ بِقَصْدِ أَمْرِهِ، وَنَظَيرُهُ {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: ٢٩]، أَيْ: قَصَدَ إِلَيْهَا، وَمِنْهُمُ الإِمَامُ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ، بَلْ قَالَ جَمْعٌ مِنْهُمْ وَمِنَ الْخَلَفِ: إِنَّ مُعْتَقِدَ الْجِهَةِ كَافِرٌ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِرَاقِيُّ، وَقَالَ: إِنَّهُ قَوْلٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيَّ وَالأَشْعَرِيَّ وَالْبَاقِلَّانِيِّ. "مرقاة المفاتيح" (٣/ ٩٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>