للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٤٣ - [٣] وَعَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ١١٥١، م: ٧٨٥].

ــ

وقال الطيبي (١): بهذا الحديث ينكر أهل التصوف ترك الأوراد كما ينكرون ترك الفرائض، انتهى. يعني إدامة العمل والتزامهم النوافل والأوراد، ولكن ينبغي أن يعلم أن المداومة على الورد ضربان: بالشخص وبالنوع، أما بالشخص فبأن يواظب ويداوم على ورد واحد بالشخص (٢) من صلاة أو صيام أو آية أو دعاء أو ذكر ويكرره كل يوم، وأما بالنوع فبأن يقرأ كل يوم فردًا منها غير ما قرأ اليوم السابق أيًّا شاءه، وبهذا الطريق أيضًا يحصل المداومة، ويحصل تأثيره، كذا قال شيخنا الإمام عبد الوهاب المتقي -رحمه اللَّه- بل قالوا: هذا الطريق أدخل في الشوق والذوق، وقد تورث المداومةُ بالشخص الملال والسآمة على ما هو خاصية التكرار، واللَّه الموفق.

١٢٤٣ - [٣] (وعنها) قوله: (خذوا من الأعمال ما تطيقون) أي: اعملوا ما يسهل عليكم حتى يدوم، ويدوم بدوامه الثواب.

وقوله: (فإن اللَّه لا يملّ حتى تملّوا) بفتح الميم في الموضعين من الملال، وهو الاستثقال من الشيء ونفور النفس عنه بعد محبته، وإطلاقه على اللَّه من باب المشاكلة، كما في قوله: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: ١١٦]، وقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] وله أمثلة كثيرة، أو باعتبار الغاية، كما في الرحمة والغضب والحياء، أي: إن اللَّه تعالى لا يقطع ثواب عملكم حتى تتركوا العمل ملالًا وسآمة من كثرته وثقله. هذا وأما ما قيل: إن المراد: إن اللَّه لا يمل


(١) "شرح الطيبي" (٣/ ١٣٥).
(٢) أي: بالذات، أي: مقتصرًا عليه دون غيره، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>