للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٤٤ - [٤] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، وإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ١١٥٠، م: ٧٨٤].

ــ

وإن أظلم (١)، ففيه أن هذا لا يلائم المقصود من سياق الحديث.

وقيل: نفي الملال عن اللَّه تعالى لا يحتاج إلى تأويل، وإنما المحتاج إليه إثباته له، كما قيل في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا} [البقرة: ٢٦]، وفيه نظر؛ لأن سوق البيان ثبوت الملال والحياء، والنفي في الجملة إنما هو لخصوصية تعلقه بالمفعول فيحتاج إلى التأويل، فتأمل.

وفي الحديث: أن القليل من العمل بنشاط أصلح من كثيرٍ لا ينشط ويفضي إلى تركه كلَّه أو بعضه، كما قال تعالى: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: ٢٧]، ولكن ينبغي أن يعتاد الطالب ويجتهد ويعوِّد النفس على كثرة العمل، فبعد التعويد يسهل العمل ويصير الكثير كالقليل، ولا يكون كأصحاب الدعة والكسل يَملُّون بقليل من العمل ويتركونه، حتى من اعتاد هان عليه مثلًا مئة ركعة وعشرة أجزاء، وأزيد وأزيد بعد ما كان يثقل عليه عشر ركعات وتلاوة جزء منها، والطمع في ثواب اللَّه ورضاه والشوق إلى لقائه عزَّ وجلَّ يهوِّن ويسهل أكثر من ذلك ومن اللَّه التوفيق.

١٢٤٤ - [٤] (أنس) قوله: (نشاطه) أي: إلى مدة نشاطه، في (القاموس) (٢): نشط: كسمع نشاطًا بالفتح فهو ناشط ونشيط: طابت نفسه للعمل وغيره كتنشط، وفَتَرَ يَفْتُرُ ويَفْتِرُ فُتورًا وفُتارًا: سكن بعد حدّة، ولانَ بعد شدّة، وفي قوله: (فليقعد) (٣) دون


(١) كذا في الأصل، والظاهر: "وإن مللتم".
(٢) "القاموس المحيط" (ص: ٦٣٥).
(٣) أَيْ: عَنِ الْقِيَامِ بِالْعِبَادَةِ، وَفِي الْعُدُولِ عَنْ "لِيَتْرُكْ" نُكْتَةٌ لَطِيفَةٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: التَّقْدِيرُ: لِيُصَلَّ قَائِمًا، وَإِذَا فَتَرَ فَلْيَعُدْ مُصَلِّيًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَالِكَ طَرِيقِ الآخِرَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَجْتَهِدَ فِي =

<<  <  ج: ص:  >  >>