انتظرُه من القابلة، فلم يخرج إليهم فسألوه فقال: خشيت أن يكتب عليكم الوتر.
والجواب عن الأول: أنه واقعة حال لا عموم له، فيجوز كون ذلك لعذر، والاتفاق على أن الفرض يصلَّى على الدابة لعذر الطين والمطر ونحوه، أو كان قبل وجوبه؛ لأن وجوبه لم يقارن وجوب الخمس بل متأخر، وقد روي أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان ينزل للوتر، وروى الطحاوي عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنه كان يصلي على راحلته ويوتر بالأرض، ويزعم أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل ذلك، فدل على أن وتره ذلك إما حالةَ عدم وجوبه أو للعذر.
وعن الثاني: أنه يجوز أن يكون الوجوب كان بعد سفر معاذ، وعن الثالث كذلك، أو المراد المجموع من صلاة الليل المختتَمة بوتر. وقد يطلق الوتر على صلاة الليل، كما سبق هناك، وهي غير واجبة، ويدل على ذلك ما صرح به في رواية البجلي لهذا الحديث من قوله:(خشيت أن تكتب عليكم صلاة الليل)، وكيف يحمل الوجوب على المعنى اللغوي، وهو محفوفٌ بما يؤكد مقتضاه من الوجوب، وهو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (فمن لم يوتر فليس مني) مؤكَّدًا مع التكرار ثلاثًا على ما تقدم، هذا كلام الشيخ ابن الهمام مع حذف واقتصار.
وقال العبد الضعيف صانه اللَّه عما شانه: لا يضر احتمال الحمل على غير الوجوب بالاستدلال عليه؛ لأن الواجب ههنا ما ثبت بدليل فيه شبهة، ودلائل إيجاب الوتر كلها فيها شبهة، ومع ذلك يثبت غلبة الظن بوجوبه، ويكفي ذلك في المطلوب، والصواب أن دلائل الوجوب والسنة متعارضة ولكلٍّ وجهةٌ هو موليها، كذا قال التُّورِبِشْتِي (١)، واللَّه أعلم.
الاختلاف الثاني في أنها ركعة أو ثلاث ركعات، فعند أكثر الأئمة ركعة، وعندنا