للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَثْنَى مَثْنَى،

ــ

وقوله: (مثنى مثنى) ذكر مثنى هنا بمعنى اثنين، وهو كما ذكره أهل اللغة بمعنى اثنين اثنين مكررًا، فإن ثبت هذا يكون التكرير للتأكيد، ثم اعلم أنهم قالوا: بأن (مثنى) معدول عن اثنين اثنين غير منصرف، واختلفوا في سبب منع صرف مثل هذا المعدول مع صرف المعدول عنه، فقيل: منع صرفه لتكرر العدل فيه؛ لأنه كما عدل من صيغته إلى صيغة أخرى، كذلك عدل من الاسمية إلى الوصفية، فكان فيه عدلين: أحدهما لفظي، وثانيهما معنوي، وهذا القول ضعيف؛ لأن المعدول عنه أيضًا وصفٌ لأنه عدد مكرر، وهو لا يستعمل إلا وصفًا، كما سيظهر، إلا أن يقال: تكرر العدل من جهة الخروج من صيغة إلى صيغة أخرى، ومن مكرر إلى غير مكرر، وهذا أيضًا تكلف، وقيل: منع صرفه للعدل والتعريف بناء على عدم جواز دخول لام التعريف عليه. وصحةُ وقوعه حالًا في قولنا: جاءني القوم مثنى، ينافي هذا القول.

والجمهور على أن منع صرفه للعدل والوصفية، ويناقش فيه بأن شرط تأثير الوصف أن يكون ثابتًا في أصل الوضع، والوصف في (مثنى) وأخواته عارض لكونه من أسماء الأعداد، والوصفية فيها عارضة؛ لأن وضعها لنفس الوحدات لا ذات موصوفة بها، نعم قد تَعْرِضها الوصفية، وتستعمل بمعناها كما في قولهم: مررت بنسوة أربع، وذلك لا يؤثر، وأجيب بأن الوصفية لازمة لـ (مثنى) وأخواته فإنها لا تستعمل إلا وصفًا، ولما كانت لازمة كانت في حكم الأصلية، وفيه أن الوصفية لازمة للمكرر الذي هو المعدول عنه أيضًا؛ فإن نحو ثلاثة ثلاثة أيضًا لا تستعمل إلا بمعنى الوصفية، فلو صارت بهذا الاعتبار في حكم الأصلية لكان أربع أربع في حالة التكرار غير منصرف للوصفية ووزن الفعل، وليس كذلك. فالوجه أن يقال: إن الوصفية لما صارت لازمة بعد العدل صارت كأنها أصلية؛ لأن العدل كانه وضع ثان، فالمعنى الذي كان في

<<  <  ج: ص:  >  >>