للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ ثمَّ هَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ يَعْنِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ. . . . .

ــ

وقال الشيخ: بيد مثل غير وزنًا ومعنى وإعرابًا، وبه جزم الخليل والكسائي ورجحه ابن سيده، وروى ابن أبي حاتم عن الربيع عن الشافعي رحمه اللَّه أن معنى بيد من أجل، وكذا ذكره ابن حبان والبغوي عن المزني عن الشافعي رحمه اللَّه، وقد استبعده عياض ولا يعتدّ به، ومعناه: إنا سبقنا بالفضل إذ هدينا للجمعة مع تأخرنا في الزمان، بسبب أنهم ضلوا عنها مع تقدمهم، ويشهد له ما وقع في رواية من أبي هريرة: (نحن الآخرون في الدنيا، ونحن أول من يدخل الجنة إلا أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا)، وقال الداودي: هو بمعنى غير أو مع، وقال الطيبي (١): هو بمعنى الاستثناء، وبه قال ابن مالك، وهو من تأكيد المدح بما يشبه الذم لما أدمج فيه معنى النسخ لكتابهم، فالناسخ هو السابق في الفضل وإن كان مسبوقًا في الوجود، انتهى.

وبهذا يظهر موقع قوله: (نحن الآخرون) مع كونه أمرًا واضحًا لا يحتاج إلى ذكره، ولا يظهر فائدته إلا ببيان الواقع وكونه توطئة لذكر قرينته، واللام في (الكتاب) للجنس.

وقوله: (ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم يعني يوم الجمعة فاختلفوا فيه) اختلف الشارحون في المراد من فرض اللَّه تعالى على اليهود والنصارى يوم الجمعة واختلافهم فيها وضلالهم عنها، كما جاء في رواية أخرى عن أبي هريرة: (أضل اللَّه عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وللنصارى يوم الأحد)، فقال بعضهم: إن اللَّه فرض عليهم العبادة في يوم الجمعة بعينه، وأمرهم بالاجتماع فيه للعبادة شكرًا للنعمة، كما هو ظاهر لفظ الحديث، فخالفوا وتمردوا وأبوا كما هو عادتهم، واختار اليهود بدله


(١) "شرح الطيبي" (٣/ ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>