ثم اعلم أنه قد استشكل هذا الحديث بأنه يلزم منه أن يكون إقامة الجمعة قبل الزوال، ومن ثم استدل به من ذهب إلى أن الجمعة تصح قبل الزوال كما هو في رواية عن أحمد رحمه اللَّه أيضًا، وبيانه: أن النهار كله اثنتا عشرة ساعة، وقد علم منه خروج الإمام للخطبة في آخر الساعة الخامسة، ولا شك أنها تكون قبل الزوال.
وأجيب بأنه ليس في الحديث ذكر الإتيان من أول النهار، فلعل الساعة الأولى منه جعلت للتأهب بالاغتسال وغيره، ويكون مبدأ الجميع من أول الثانية، فيكون آخر الخامسة أول الزوال، وإلى هذا أشار بعضهم حيث قال: أول التبكير يكون من ارتفاع النهار، وقد يقال: يحتمل أن يكون الراوي لم يذكر الساعة السادسة.
وقد وقع في بعض الروايات زيادة مرتبة بين الدجاجة والبيضة، وهي العصفور، وله متابعات وشواهد، وفي بعضها زيادة البط بين الكبش والدجاجة، وهذا إن أريد بالساعات ما يتعارف بها عند أهل التنجيم، وإلا فلا إشكال، ولو أريد تفاوت درجات الجائين للجمعة ومراتبهم في تقدم الأوقات وتأخرها فلا إشكال، سواء قدر لها خمس درجات أو ست، أو أزيد أو أنقص.
وقدَّر الإمام الغزالي الساعة الأولى من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، والثانية إلى ارتفاعها، والثالثة إلى انبساطها، والرابعة إلى أن ترمض الأقدام، والخامسة إلى الزوال.
وقال الشيخ ابن حجر (١): تجاسر الغزالي فقسمها برأيه، واعترض ابن دقيق العيد أيضًا بأن الرد إلى الساعة المعروفة أولى، وإلا لم يكن لتخصيص العدد بالذكر معنى؛ لأن المراتب متفاوتة جدًا.
ثم اعلم أنه وقع في بعض الروايات:(ثم راح إلى الجمعة)، وحقيقة الرواح الذهاب