من الزوال إلى آخر النهار، كما أن الغدو من أوله إلى الزوال، وحينئذٍ يشكل اعتبار الساعات الخمسة أو الستة، ولهذا قال بعض الشافعية والمالكية رحمهما اللَّه: إن المراد بالساعات لحظات لطيفة بعد زوال الشمس، وآخرها قعود الخطيب على المنبر، وإطلاق الساعة على جزء من الزمان غير محدود متعارف، هذا وقد أنكر الأزهري على من زعم أن الرواح لا يكون إلا بعد الزوال، قال: العرب تقول: راح بمعنى ذهب في جميع الأوقات، قال: وهي لغة أهل الحجاز، ونقل أبو عبيد في (الغريبين) مثله، فقد ثبت أن المراد بالرواح الذهاب مطلقًا، وقيل: يمكن أن تكون النكتة في التعبير بالرواح الإشارة إلى أن الفعل المقصود لا يكون إلا بعد الزوال، فسمي الذاهب إلى الجمعة رائحًا بهذا الاعتبار وإن لم يجئ وقت الرواح، كما يسمى القاصد إلى الحج حاجًّا.
وقد نقل عن مالك رحمه اللَّه حمل الرواح على حقيقته، والتجوز في الساعة بحملها على جزء لطيف من الزمان، وقد اشتد إنكار أحمد وابن حبيب من المالكية على هذا المنقول (١)، وقالا: هذا خلاف حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد احتج بعض المالكية بحديث التهجير، وقد عرفت أن المراد به التبكير، فليتدبر.
١٣٨٥ - [٥](وعنه) قوله: (فقد لغوت) أي: عملت اللغو، وهو الكلام عند الخطبة مع ما فيه من التكلم مع الأمر بالإنصات لغيره، ففيه وجوب الإنصات ولو كان التكلم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو يكفيه الإشارة.
(١) أي: ما نقل عن مالك من كراهية التبكير إلى الجمعة "فتح الباري" (٢/ ٣٦٩).