للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وههنا فائدة ينبغي أن ينبّه عليها وهي: أنه قد تكون نية عامة شاملة لخصوصيات تندرج تحتها وتحصل في ضمنها من غير أن يكون للعامل نية فيها فهل يحصل له ثوابها؟ اختلف فيه أنظار العلماء، فبعضهم يقولون: يحصل؛ لاندارجها تحت النية العامة، وقال بعضهم: لا يحصل؛ لأنه لم ينو في الخصوصيات، وظاهر هذا الحديث يدل عليه، ويؤيد الأول (١) حديث: (الخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر، فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل اللَّه فأطال لها في مرج أو روضة، فما أصابت في طيلها ذلك من المرج والروضة كانت له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفًا أو شرفين كانت أرواثها وآثارها حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقيها كان ذلك له حسنات) (٢)، الحديث.

وقد يحصل ثواب تحية المسجد وإن لم ينوها لأن المقصود بالتحية شغل البقعة، وقد حصل، وهذا بخلاف من اغتسل يوم الجمعة عن الجنابة؛ فإنه لا يحصل له ثواب غسل الجمعة على الأرجح، لأن غسل الجمعة ينظر فيه إلى التعبد لا إلى محض التنظيف فلابد [فيه] من القصد إليه بخلاف تحية المسجد، كذا في (فتح الباري) (٣).

ورابعها: أن الجملة الثانية أفادت التعميم المستفاد من كلمة (ما)؛ لأنها من صيغ العموم، ولما أشار في الجملة الأولى إلى أن صحة الأعمال الشرعية أو ثوابها يتوقف على النية عمم في الثانية على وجه أفادت أن الحاصل لكل شخص من كل عمل


(١) انظر: "مرفاة المفاتيح" (١/ ٤٥).
(٢) أخرجه "البخاري" (٢٨٦)، و"مسلم" (٩٨٧).
(٣) "فتح الباري" (١/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>