للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأولى، ووجهوه بوجوه لا يخلو أكثرها عن شيء.

أحدها: أن الجملة الأولى تفيد أن صحة العمل أو ثوابه منوط بالنية، وهذه الجملة الثانية تبين أن تعيين المنوي على وجه يتميز عن غيره شرط، كمن عليه صلوات فائتة لا يكفيه أن ينوي الفائتة منها لا على التعيين حتى يعينها ظهرًا أو عصرًا مثلًا، نعم إن كانت فائتة واحدة يكفيه أن ينوي الفائتة من غير تعيين ظهر أو عصر، وهذا التعيين يستفاد من لفظ (ما نوى) بخلاف الجملة الأولى، فليس فيها ما يفيده، وقيل: كأن هذا القائل استنبط هذا المعنى من (ما) الموصولة لأنها من المعارف المفيدة للتعيين، وفيه: أن هذا المعنى يفهم من الجملة الأولى أيضًا؛ لأن مقابلة الجمع بالجمع يقتضي انقسام الأحاد على الأحاد، فالمعنى: أن كل فرد من أفراد العمل معتبر ومحسوب بنية ذلك الفرد، وأيضًا قد ذكرنا أن اللام بدل عن المضاف إليه، أو نقول: اللام للعهد على ما هو الأصل فيها، بل ذكر صاحب (المفتاح): أن أصل وضع لام التعريف للعهد، فتدبر.

وثانيها: أن الجملة الأولى دلت على أن العمل يتبع النية ويصاحبها، فيترتب الحكم على ذلك، والثانية أفادت أن العامل لا يحصل له إلا ما نواه.

وثالثها: أن الجملة الثانية تقتضي أن من نوى شيئًا يحصل له، يعني: إذا عمله بشرائطه أو حال دونه ما يعذر به شرعًا، وكل ما لم ينوه لم يحصل له، ولا يخفى أن هذين الوجهين يفيد التغاير بين مفهومي الجملة بحسب الظاهر، ولكن بحسب المآل واحد، ولا يبعد استفادة هذين المعنيين من الأولى أيضًا، وبهذا الاعتبار جعل من جعل الثانية مؤكدة للأولى ومحقِّقة لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>