للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَقَّ الْحَيَاءِ" قَالُوا: إِنَّا نَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ, وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: "لَيْسَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ مَنِ اسْتَحْيَى مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ فَلْيَحْفَظِ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَلْيَحْفَظِ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْيَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَى مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [حم: ١/ ٣٨٧، ت: ٢٤٥٨].

ــ

إضافة المسمى إلى الاسم، والمراد قال يومًا. و (الحياء) انكسار يقع في القلب ينقبض به من فِعْل ما لا ينبغي، وقد سبق تحقيق معناه في أول الكتاب في (كتاب الإيمان).

وقوله: (قالوا: إنا نستحي من اللَّه) أي: نمتثل أوامره وننتهي عن نواهيه في الجملة، ونشكر اللَّه على ذلك، فما حق الاستحياء الذي تأمرنا به وتطلبه منا.

وقوله: (قال: ليس ذلك) أي: ليس حق الاستحياء هذا الذي تحسبونه وتفعلونه، بل مقامه أعلى وأرفع، وهو أن تحفظوا قلوبكم وجميع أعضائكم وجوارحكم عما لا يرضاه اللَّه، وهو المشار إليه بقوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: ١٠٢] فبينه -صلى اللَّه عليه وسلم- بكلام جامع مختصر، وهو أن يحفظ الرأس عن أن يخضع به لغير اللَّه، ويرفعه تكبرًا عليه وعلى خلقه، ويحفظ ما وعاه الرأس، أي: حفظه وجمعه من الحواس والآلات، كالسمع والبصر واللسان وغيرها، ويحفظ البطن عن أكل الحرام وما فيه شبهة، وما حواه البطن -وهو القلب- عن الجهل بما لا يجوز الجهل به من معرفة الحق وأحكام الدين، وقيل: ما جمعه البطن واتصل به من الفرج والرجلين واليدين.

وقوله: (وليذكر الموت) ويعمل لما بعده ويذكر.

وقوله: (والبلى) بكسر الباء: صيرورة عظامه بالية؛ فإن من ذكر هذا وعلم أن الدنيا فانية زهد فيها، وترك لذات الدنيا وشهواتها، كما قال: (ومن أراد الآخرة ترك

<<  <  ج: ص:  >  >>