إضافة المسمى إلى الاسم، والمراد قال يومًا. و (الحياء) انكسار يقع في القلب ينقبض به من فِعْل ما لا ينبغي، وقد سبق تحقيق معناه في أول الكتاب في (كتاب الإيمان).
وقوله:(قالوا: إنا نستحي من اللَّه) أي: نمتثل أوامره وننتهي عن نواهيه في الجملة، ونشكر اللَّه على ذلك، فما حق الاستحياء الذي تأمرنا به وتطلبه منا.
وقوله:(قال: ليس ذلك) أي: ليس حق الاستحياء هذا الذي تحسبونه وتفعلونه، بل مقامه أعلى وأرفع، وهو أن تحفظوا قلوبكم وجميع أعضائكم وجوارحكم عما لا يرضاه اللَّه، وهو المشار إليه بقوله تعالى:{اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}[آل عمران: ١٠٢] فبينه -صلى اللَّه عليه وسلم- بكلام جامع مختصر، وهو أن يحفظ الرأس عن أن يخضع به لغير اللَّه، ويرفعه تكبرًا عليه وعلى خلقه، ويحفظ ما وعاه الرأس، أي: حفظه وجمعه من الحواس والآلات، كالسمع والبصر واللسان وغيرها، ويحفظ البطن عن أكل الحرام وما فيه شبهة، وما حواه البطن -وهو القلب- عن الجهل بما لا يجوز الجهل به من معرفة الحق وأحكام الدين، وقيل: ما جمعه البطن واتصل به من الفرج والرجلين واليدين.
وقوله:(وليذكر الموت) ويعمل لما بعده ويذكر.
وقوله:(والبلى) بكسر الباء: صيرورة عظامه بالية؛ فإن من ذكر هذا وعلم أن الدنيا فانية زهد فيها، وترك لذات الدنيا وشهواتها، كما قال: (ومن أراد الآخرة ترك