للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ" فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَالَ: "لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ" ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ،

ــ

الميت: نظر إلى شيء لا يرتد إليه طرفه، ولا تقل: شق الميت بَصَرَه، انتهى. يعني أن (شق) ههنا لازم لا متعد بمعنى الفتح لا بمعنى فتح، ومن ثم قال صاحب (النهاية) (١): بفتح الشين ورفع الراء، وضم الشين غير مختار، ثم قال لبيان سبب شق بصر الميت (أن الروح. . . إلخ)، وقال الطيبي (٢): يحتمل أن تكون علة للإغماض كأنه قال: أغمضته؛ لأن الروح إذا فارق يتبعه البصر في الذهاب، فلم يبق لانفتاح بصره فائدة.

وقوله: (لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير) أي: لا تقولوا: واويلاه وياكرباه ونحو ذلك، فإنه دعاء على أنفسكم بنسبة الويل والكرب لأنفسكم؛ لأن معناه: يا ويلي ويا كربي، أبدلت ياء المتكلم بالألف، مثل يا غلاماه، أو يريد أن ارتكاب ما لا يرضاه اللَّه يرجع ضرره عليهم، فكأنه دعاء على أنفسكم، أو كان النوحة والجزع دعاء على الميت كما يشير إليه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله)، أو يكون مثل {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩] أي: لا يقتل بعضكم بعضًا، وقوله تعالى: {فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النور: ٦١].

وقوله: (وارفع درجته في المهديين) قال الطيبي (٣): معناه اجعله في زمرة


(١) "النهاية" (٢/ ٤٩١).
(٢) "شرح الطيبي" (٣/ ٣٣٨).
(٣) "شرح الطيبي" (٣/ ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>