للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو أن البعث يكون في الثياب، واستشكل ذلك بأنه قد ورد في الحديث الصحيح: (يحشر الناس حفاة عراة) فأجاب بعضهم بأن البعث غير الحشر (١)، أو كأنه أراد أن البعث هو إخراج الموتى من القبر أحياء، والحشر نشرهم في عرصات القيامة، فيحتمل أن يكون البعث في الثياب، والحشر عراة، وهذا الكلام بعيد في غاية البعد (٢).

قال التُّورِبِشْتِي (٣): قائل هذا لم يصنع شيئًا، فإنه ظن أنه نَصَر السنَّةَ، وقد ضيَّع أكثر مما حفظ، وسعى في تحريف سنن كثيرة؛ ليسوِّي كلام أبي سعيد، وكيف وقد ورد عن أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه-: أنه أوصى أن يكفن في ثوبيه اللذين كان لابِسَهما، وقال: (اغسلوهما وكفنوني فيهما، فإن الحي أحوج إلى الجديد)، وقال: (إنما هما للمُهْل والتراب) (٤)، وقد ورد في حديث علي -رضي اللَّه عنه-: (لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سلبًا سريعًا) (٥)، وأمثال ذلك كثيرة، فيعلم من ذلك أن ثياب الميت وكفنه يفنيان ولا يبقيان معه.

وقال المحققون من أهل الحديث: إن الثياب في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها) كناية عن الأعمال التي يموت فيها، وقد ورد: "يبعث العبد على


(١) قال الكاندهلوي: به جمع الخطابي في "معالمه" (١/ ٣٠٢)، كذا في "التلخيص الحبير" (٢/ ٢٥٧) وأجاب عنه العيني بوجوه، "عمدة القاري" (١١/ ٥٤)، وخصّه في "الفتاوى الحديثية" (ص: ٢٤٤) بالشهيد، انظر: "بذل المجهول" (١٠/ ٣٧٨).
(٢) انظر: "مرقاة المفاتيح" (٤/ ١٢٥).
(٣) "الميسر" (٢/ ٣٨٨).
(٤) أخرجه مالك في "موطئه" (٥٢٤).
(٥) أخرجه أبو داود في "سننه" (٣١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>