للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ما مات عليه من عمل صالح أو سيِّئ"، والعرب تكني بالثياب عن الأعمال لملابسة الرجل بها ملابسته بالثياب، وقيل في تأويل قوله سبحانه: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤]: أي: أعمالك فأصلح، وأبو سعيد -رضي اللَّه عنه- فهم من كلامه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما دل عليه الظاهر، فغاب عن مفهوم الكلام أيضًا.

وقال الشيخ التُّورِبِشْتِي: وكان في الصحابة رضوان اللَّه عليهم مَن يقصر فهمه في بعض الأحايين عن المعنى المراد، والناس متفاوتون في ذلك، فلا يعدُّ أمثالُ ذلك عشرة (١)، وقد سمع عدي بن حاتم الطائي -رضي اللَّه عنه- قول اللَّه تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧]، فعمد إلى عقالين: أسود وأبيض، فوضعهما تحت وسادته، فلما سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (إنك لعريض الوسادة)، وفي بعض طرقه: (إنك لعريض القفاء)، انتهى (٢).

وهذا القول كما يُرى في الظاهر مما لا يُجترأ عليه؛ لما فيه من توهم نسبة النقص إلى الصحابة في فهم معاني أحاديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولكنه ليس كلامًا يبالَغ في إنكاره، وقد تكلم هذا الشيخ في حديث: (وإنما أنا قاسم واللَّه يعطي) (٣) أيضًا بمثل هذا الكلام، وقال: أعلم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أصحابه: أني ما فضَّلتُ ولا رجَّحتُ أحدًا من أمتي على


(١) كذا في النسخ المخطوطة، وفي "مرقاة المفاتيح" (٤/ ١٢٥): "فلا يعد في أمثال ذلك عليهم"، فليتأمل.
(٢) قصة عدي بن حاتم الطائي أخرجها البخاري في "صحيحه" (١٩١٦)، ومسلم في "صحيحه" (١٠٩٠)، وأبو داود في سننه (٢٣٤٩)، والترمذي في "جامعه" (٢٩٧٠)، وأحمد في "مسنده" (٤/ ٣٧٧).
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>