للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

آخر في قسمة ما أوحي إلى من العلم والدين، بل سوَّيت بينهم في الإبلاغ، وعدلت في القسمة، والتفاوت بينهم إنما هو في إدراك وفهم معناه، وذلك عطاء من اللَّه وفضل منه، وقد كان بعض الأصحاب يسمعون حديثًا ولم يفهموا منه إلا [ما] هو الظاهر الجلي منه، وكان يسمعه بعضٌ آخر من قَرْنهم أو مَنْ بعدهم مِن التابعين وتبع التابعين، ويستنبطون منه معاني، ويخرِّجون مسائل، وذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء، انتهى كلامه بمعناه.

قال العبد الضعيف -أصلح اللَّه شأنه وصانه عما شانه-: ومن هذا القبيل ذرع الأزواج المطهرة رضي اللَّه عنهن بقبضة أيديهن عند سماع حديث: (أسرعكن لحوقًا بي أطولكن يدًا) الحديث (١). ونقل الطيبي (٢) عن القاضي البيضاوي: أنه قال في جواب الشيخ التُّورِبِشْتِي: إن العقل لا يأبى حمله على ظاهره حسبما فهم منه الراوي، إذ لا يَبعد إعادة ثيابه البالية كما لا يَبعد إعادة عظامه الناخرة، فإن [الدليل] الدال على جواز إعادة المعدوم لا مخصِّص له بشيء دون شيء، انتهى.

وفيه: أن الإشكال إنما هو من جهة منافاته الحديثَ الناطق: (يحشر الناس عراة) الدالَّ على عدم إعادة الثياب مع الميت، والآبيَ عن العمل على الظاهر، نعم قد زاد الشيخ في أثناء الكلام كون الأكفان والثياب: المهلَ والتراب، وكلام القاضي يصلح جوابًا عنه، ولكن هذه الزيادة المذكورة لا مما حاجة إليه في أصل الكلام.

هذا وغاية ما يقال في توجيه حديث أبي سعيد وتوفيقه بالحديث الآخر: إنه -رضي اللَّه عنه-


(١) أخرجه مسلم في "صحيحه" (٢٤٥٢)، وذكر قصة ذرعهن.
(٢) "شرح الطيبي" (٣/ ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>