للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ما أسرع الناس أن يعيبوا ما لا علم لهم به! عابوا علينا أن يمر بجنازة في المسجد، وما صلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد) (١).

وتمسك أبو حنيفة ومالك بالحديث المذكور عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (من صلى على ميت في المسجد فلا أجر له)، وروي: (فلا شيء له) (٢). وأما حديث عائشة فروايةُ واقعةٍ لا عموم لها، وما يثبت به إلا أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل ذلك ولو مرة أو مرتين، ويجوز أن يكون ذلك لضرورة دعت إليه، وقد يروى: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان معتكفًا، لهذا صلى في المسجد، ويروى أيضًا: أن الجنازة كانت خارج المسجد، وفي هذه الصورة اختلاف بين الحنفية، وأيضًا قالوا: إن مصلى المسجد كان مكانًا متصلًا بالمسجد، فيحتمل أن رواية الصلاة في المسجد باعتبار كونه قريبًا من المسجد متصلًا به، وما جاء في رواية مسلم: (فوضعت عند حُجَرِهن) أيضًا مبني على ذلك، ويظهر أيضًا أن ذلك مبنَى ما يروى عن أبي يوسف أنه قال: إن كان مسجد معدًّا لذلك جازت فيه بلا كراهة، واللَّه أعلم. على أن إنكار الصحابة والتابعين مع كثرتهم دليل على أن الأمر استقر بعد ذلك على تركه ونسخه، ونسبة عائشة -رضي اللَّه عنها- عدم العلم والنسيان إليهم محل كلام، ويحتمل أن تكون عائشة هي غير عالمة بالنسخ، وهو الظاهر لكثرتهم وإيقانهم، على أن في خروج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المصلى للصلاة على النجاشي دليلًا ظاهرًا على كراهته في المسجد، ولو كانت جائزة في المسجد لم يخرج كما هو الظاهر.

وقال بعض الشافعية: إن حديث أبي هريرة ضعيف؛ لأنه من أفراد صالح مولى


(١) هو الحديث السابق.
(٢) مر تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>