للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عن ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (من صلى على ميت في المسجد فلا أجر له)، وروي: (فلا شيء له).

ثم هي كراهة تحريم أو تنزيه؟ روايتان، ويظهر لي أنّ الأَولى كونها تنزيهية، إذ الحديث ليس هو نصًا غير مصروف، ولا قرن الفِعْل بوعيد بل سلبُ الأجر، وسلب الأجر لا يستلزم ثبوت استحقاق العقاب؛ لجواز الإباحة، ويجوز أن يكون المراد نفي الأجر الكامل، وقد يقال: إن الصلاة نفسها سببٌ موضوع للثواب، فسلبُ الثواب مع فعلها لا يكون إلا باعتبار ما يقرن بها من إثم يقاوم ذلك، وفيه نظر لا يخفى، كذا قال الشيخ ابن الهمام (١). وهذا هو مذهب مالك، والظاهر من قوله رحمه اللَّه: (لا أحبه) كراهة التنزيه، وعند الشافعي جائزة، وما وجدنا فيه نصًا من الإمام أحمد رحمه اللَّه في كتابه (٢)، ولكنه قد يفهم من تخصيص الشارحين الخلاف بأبي حنيفة ومالك أن أحمد مع الشافعي في ذلك، واللَّه أعلم.

دليل الشافعي الحديث المذكور في الكتاب، وهو حديث صحيح رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وقد أقسمت عائشة فيه على صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على ابني بيضاء في المسجد، وفي رواية: أنها قالت لما أنكر عليها: (ما أسرع مَا نسِيَ الناسُ! ما صلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد) (٣)، وفي رواية: (فبلغهن أن الناس عابوا ذلك، وقالوا: ما كانت الجنائز يدخل بها المسجد، فقالت عائشة:


(١) "شرح فتح القدير" (٢/ ١٢٨).
(٢) وفي "المغني" لابن قدامة (٣/ ٤٢١): ولا بأس بالصلاة على الميت في المسجد إذا لم يخف تلويثه.
(٣) أخرجه مسلم في "صحيحه" (٩٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>