للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَالِسٌ عَلَى الْقَبْرِ، فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ، فَقَالَ: "هَلْ فِيكُمْ مِنْ أَحَدٍ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ؟ ". فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَنَا. قَالَ: "فَانْزِلْ فِي قَبْرِهَا" فَنَزَلَ فِي قَبْرِهَا. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: ١٢٨٥].

ــ

وقوله: (لم يقارف الليل) في (القاموس) (١): اقترف الذنب: أتاه وفعله، واقترف المرأة: جامعها، فقد جاء بالمعنيين، فقيل: المراد هنا المعنى الأول، أي: لم يذنب ذنبًا، وقيل: الثانية، أي: لم يجامع امرأة، والأرجح هو المعنى الثاني، وسِرُّه ما قيل: إن عثمان -رضي اللَّه عنه- كان جامع بعض جواريه الليلة، فعرض به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في منعه من النزول في القبر، حيث لم يعجبه ذلك، ولعل العذر لعثمان أنه طال مرضها، ولم يكن يظن أنها تموت ليلتئذ، كذا قال الكرماني (٢).

وفي شرح الشيخ: ولا يشكل هذا الحديث على أن المحارم والزوج أولى من مصلحي الجانب، قال النووي (٣): لاحتمال أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعثمان كان لهما عذرٌ منعهما نزول القبر.

نعم يؤخذ أنه لو كان ثمة واحدهم بعيد العهد من الاقتراف فهو أولى، انتهى (٤).

وقد عرفت ما مقصوده -صلى اللَّه عليه وسلم- من هذا القول من التعريض بعثمان، فافهم.


(١) "القاموس" (ص: ٧٧٩).
(٢) "شرح الكرماني" (٧/ ٨٢).
(٣) "المجموع" (٥/ ١٨٠).
(٤) قال ابن الهمام: لَا يُدْخِلُ أَحَدًا مِنْ النِّسَاءِ الْقَبْرَ وَلَا يُخْرِجُهُنَّ إِلَّا الرِّجَالُ وَلَوْ كَانُوا أَجَانِبَ، لأَنَّ مَسَّ الأَجْنَبِيِّ لَهَا بِحَائِلٍ عِنْدَ الضَّرُورَةِ جَائِزٌ فِي حَيَاتِهَا، فَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهَا، فَإِذَا مَاتَتْ وَلَا مَحْرَمَ لَهَا، دَفَنَهَا أَهْلُ الصَّلَاحِ مِنْ مَشَايخِ جِيرَانِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَالشَّبَابُ الصُّلَحَاءُ، أَمَّا إنْ كَانَ لَهَا مَحْرَمٌ وَلَوْ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرِيَّةٍ، نَزَلَ وَأَلْحَدَهَا. "فتح القدير" (٢/ ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>