والتحقيق في هذا الباب أن كماله -صلى اللَّه عليه وسلم- كمال بشري على الإطلاق، يشمل جميع اللطائف والقوى الظاهرة والباطنة، كما هو اللائق بحال البشر الجامع لصفات الروح والنفس والطبيعة على خلاف حال الملائكة، وكان يعطي كل شيء حقه، وتظهر منه آثار جميع الحواس والقوى، فما كان منها مقدورًا يصدر بالقدرة والاختيار، وما لم يكن مقدورًا بحكم الطبيعة والاضطرار، وإلا يلزم النقصان، ولكن الكل موافق للحق والحكمة، وهذا دليل سلامة الحواس والقوى، فله -صلى اللَّه عليه وسلم- في كل مرتبة تمام وكمال، وهذا أحط وجوه وجودِ سكرات الموت في حقه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
قال أهل التحقيق من السادة الصوفية -قدس اللَّه أسرارهم-: إن جميع اللطائف من الطبيعة والنفس والروح والقلب والسر في أرباب التمكين في العمل فرادى من غير خلط ومزج بين هذه اللطائف وأعمالها وآثارها، فالسر متصل بذات اللَّه تعالى وتقدس، والروح مستغرق بمحبته، والقلب مشغول بذكره، والنفس عامل بخدمته، والطبيعة تأخذ من الحظوظ ما يقوم به البدن، والكل مطيع ومنقاد للحق فيما خلق لأجله، واللَّه أعلم.
١٧٢٣ - [٢](أسامة بن زيد) قوله: (ابنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-) وهي زينب زوجة أبي العاص.
وقوله:(إن ابنا لي قبض)(١) أي: أشرف على الموت وحان أن تقبض روحه.
وقوله:(فأرسل) أي: النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أحدًا إليها حال كونه (يقرئـ) ـها (السلام) بضم الياء.