للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أعاظم الفقهاء وعلماء الصوفية من ديار مغرب قال: قال لي شيخي أبو العباس الحضرمي يومًا: هل إمداد الحي أقوى أم إمداد الميت؟ فقلت: إنهم يقولون: إمداد الحي أقوى، وأنا أقول: إمداد الميت أقوى، فقال: نعم، لأنه في بساط الحق، والنقل في ذلك كثير عن هذه الطائفة، ولم يعرف في الكتاب والسنة وأقوال السلف ما ينافي ذلك ويرده، كيف وقد ثبت في الدين أن الروح باقية، ولها علم وشعور بالزائرين، ولأرواح الكاملين قرب ومكانة من جناب الحق تعالى، كما كان في الحياة أو أتم من ذلك، وهم يثبتون الكرامات، والتصرف في الأكوان للأولياء، وليس ذلك إلا لأرواحهم المقدسة، وهي باقية، والمتصرف الحقيقي ليس إلا اللَّه سبحانه، والكل بقدرته، وهم فانون في جلال الحق في الحياة وبعد الممات، فلو أعطى لأحد بوساطة أحد من أوليائه ومكانته عنده شيئًا كما كان في حالة الحياة لم يبعد، وليس الفعل والتصرف في الحالتين إلا للَّه تعالى وتقدس، وليس في الحالتين ما يوجب الفرق، ولم يدل عليه دليل في الشرع (١).


(١) قال الشيخ ابن تيمية رحمه اللَّه في "اقتضاء الصراط المستقيم" (ص: ٣٧٣ - ٣٧٤) في معرض كلامه عن اتخاذ القبر مسجدًا أو وثنًا يعبد: ولا يدخل في هذا الباب ما يروى من أن قومًا سمعوا رد السلام من قبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أو قبور غيره من الصالحين، وأن سعيد بن المسيب كان يسمع الأذان من القبر ليالي الحرة، ونحو ذلك.
ثم قال في موضع آخر: وكذلك ما يذكر من الكرامات وخوارق العادات التي توجد عند قبور الأنبياء والصالحين مثل نزول الأنوار والملائكة عندها، وتوقي الشياطين والبهائم لها، واندفاع النار عنها، وعمن جاورها، وشفاعة بعضهم في جيرانه من الموتى، واستحباب الاندفان عند بعضهم، وحصول الأنس والسكينة عندها، ونزول العذاب بمن استهانها، فجنس هذا حق ليس مما نحن فيه، وما في قبور الأنبياء والصالحين من كرامة اللَّه ورحمته، وما لها عند اللَّه من الحرمة والكرامة فوق ما يتوهمه أكثر الخلق، ولكن ليس هذا موضع تفصيل ذلك، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>