في النهي عن ادّخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث احتياج الناس وفقرهم، فيستحب التصدق ولا يمسك، ثم لما وسع اللَّه تعالى عليهم، ولم يبق الاحتياج رخص أن يدخروا إلى ما شاؤوا، وكان السبب في النهي عن النبيذ إلا في سقاء -أي: قربة- أن السقاء يبرد الماء، فلا يشتد فيها كما يشتد في الأواني، فربما يصير خمرًا وسكرًا، وكانوا قريبي العهد من تحريم الخمر، فربما شربوا الخمر ما اشتد، فلما تقرر تحريم الخمر رخص الانتباذ في الظروف كلها، وقد كان أيضًا حرم في ابتداء الأمر من الأواني الأربعة، وهي الحنتم والدباء والنقير والمزفت، كما سبق في أول الكتاب في (كتاب الإيمان)، ثم رخص إلا عند بعض العلماء منهم مالك وأحمد.
١٧٦٣ - [٢](أبو هريرة) قوله: (فلم يؤذن لي) وقيل: فيه نزول: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى}[التوبة: ١١٣]، وقوله:{وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}[البقرة: ١١٩] على قراءة المعلوم، هذا على طريقة المتقدمين، وأما المتأخرون رحمهم اللَّه فقد أثبتوا إسلام والديه بل جميع آبائه وأمهاته -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى آدم، ولهم في إثباته ثلاث طرق: إما أنهما كانا على دين إبراهيم عليه السلام، أو أنهما لم تبلغهما الدعوة لكونهما في زمان الفترة وماتا قبل زمان نبوته -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو أنهما أحياهما اللَّه على يديه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فآمنا به، وحديث الإحياء وإن كان في حد ذاته ضعيف لكنه صححه بعضهم لبلوغه درجة الصحة لتعدد طرقه، وهذا العلم كأنه كان مستورًا عن المتقدمين