فكشفه اللَّه للمتأخرين، واللَّه يختص من يشاء بما شاء من فضله، وقد صنف الشيخ جلال الدين السيوطي رحمة اللَّه عليه في هذا الباب رسائل (١)، وأثبته بدلائل كثيرة، وأجاب عن شبه المخالفين، ولو نقلناه لطال الكلام، فلينظر ثمة، وبالغ فيه حتى إنه لا يكاد ينقل مذهب المخالف صريحًا كراهة أن يجري على لسانه ذلك، ولو بطريق الحكاية، جزاه اللَّه خيرًا.
١٧٦٤ - [٣](بريدة) قوله: (السلام عليكم) فيه أنه لا يجب أن يقال في تحية الموتى: عليكم السلام، كما ذهب إليه البعض، كما ورد في الحديث:(عليكم السلام تحية الموتى) وله تأويل، وقد ذكرناه في موضعه. و (الديار) جمع الدار اسم لمحل فيه البناء، وله عرصة، ويسعمل ذلك في منازل الأحياء، وإنما سمى القبور دارًا تشبيهًا بجعلهم في حكم الأحياء، وجعل القبور في حكم العمارات، بل هي العمارة وما سواه خراب.
وقوله:(وإنا إن شاء اللَّه) الاستثناء للتبرك والرغبة، أو المراد اللحوق في الموافاة على الإيمان، وقيل:(إن) بمعنى إذا.
وقوله:(من المؤمنين والمسلمين) الإسلام هنا بمعنى الاستسلام، كما في قوله
(١) وقال صاحب "المرعاة" (٥/ ٥١٣): واعلم أن هذه المسألة كثير النزاع والخلاف بين العلماء، فمنهم من نص على عدم نجاة الوالدين، وقد بسط الكلام في ذلك القاري في "شرح الفقه الأكبر" وفي رسالة مستقلة له، ومنهم من شهد لهما بالنجاة كالسيوطي، وقد ألف في هذه المسألة سبع رسائل بسط الكلام فيها وذكر الأدلة من الجانبين، انتهى.