للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ". . . . .

ــ

والبهيمة: كل ذات قوائم أربع، والجمع بهائم، وفي رواية البخاري: (رعاء الإبل البهم) جمع الأبهم، وهو الأسود، وهو إما صفة لـ (رعاء)، لأن الأدمة غالب ألوان العرب، أو المراد مجهول الأنساب، وقيل: الذي لا شيء لهم، كذا قال السيوطي، أو صفة الإبل، والسواد شر ألوان الإبل، وخيرها الحمر التي يضرب بها المثل، فيقال: (خير من حمر النعم)، ورواية: (رعاء الشاء) أنسب بالسياق من رواية (رعاء الإبل) وأبلغ؛ لأنهم أصحاب ثروة وخيلاء، وليسوا عالة بالنسبة إلى رعاء الشاء، وإن كانوا بالنسبة إلى الملوك والأمراء فقراء ضعفاء، والجمع بين الروايتين أنه يحتمل أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- جمع بينهما، فحفظ راوٍ أحدَهما والآخرُ الآخرَ، واللَّه أعلم.

وقوله: (يتطاولون في البنيان) أي: يبنون الدور والقصور المرتفعة، ويتفاخرون ويتكبرون بها، وهو مفعول ثان لقوله: (ترى) إن كانت الرؤية بمعنى العلم، أو حال إن كانت بصرية (١)، وقد يجعل المفعول قوله: (رعاء الشاء) بمعنى الملوك؛ لأنه قد تجعل الكناية عن ذلك، ويستأنس بصحة هذا المعنى مما ذكر في رواية أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، وحاصله: أن الفقراء والأذلاء يصيرون أغنياء وأعزةً وملوكًا، ويصير ذلك سببًا لاختلال أمور الدنيا والدين وهدم أركانهما، فذلك من أمارات الساعة، وقد صح: (لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس في الدنيا لكع بن لكع) (٢) أي لئيم بن لئيم، وصح أيضًا (من أشراط الساعة أن توضع الأخيار وترفع الأشرار) (٣)، قيل: فيه دليل كراهة تطويل


(١) قال القاري (١/ ٦٤): هُوَ مَفْعُولٌ ثَانٍ إِنْ جَعَلْتَ الرُّؤْيَةَ فِعْلَ الْبَصِيرَةِ، أَوْ حَالٌ إِنْ جَعَلْتَهَا فِعْلَ الْبَاصِرَةِ.
(٢) أخرجه أحمد (٥/ ٣٨٩).
(٣) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (٤/ ٥٩٧، رقم: ٨٦٦١)، والدارمي (٤٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>