للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ -أَوْ قَالَ: سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ-، فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتٌ. . . . .

ــ

بكسر الحاء وفتح الجيم بمعنى العقل، حتى لا يقولوا بالتخمين والمساهلة، وكل ذلك للمبالغة في المنع والزجر عن المسألة والمساهلة فيها، وظاهر الحديث أن الفاقة تثبت بشهادة ثلاثة رجال، ولكنهم أجمعوا على أن ذلك ليس بمراد.

قال التُّورِبِشْتِي (١): نحن وإن علمنا أن اللَّه يتعبد عباده بما يشاء من أمره، فله أن يجعل الحجة في هذه القضية مثبتة بثلاثة كما جعلها مثبتة في هلال رمضان بواحد، وفي الحقوق الواجبة باثنين، وفي الزنا بأربعة، ولكنا وجدنا تلك الصور مثبتة بصريح الحكم مبنية على النصوص البينة، ووجدنا الأمر في هذا الحديث معدولًا به عن صيغة الشهادة، ثم إنا وجدنا الأحكام الراجعة إلى الدماء والأموال والفروج مثبتة بشهادة اثنين، وليس الأمر فيها بأيسر من الأمر في هذه القضية، بل هذه أقرب فيما يهتدى إليه من النظر إلى التسامح والتساهل فيها، فالوجه فيه أن يجعل الأمر فيه إلى ثلاثة من طريق الاستحباب لا من طريق الوجوب، انتهى. وإنما لم يعتبر قيام البينة في رجل أصابته الجائحة لظهور حاله بخلاف إصابة الفاقة.

وقوله: (فما سواهن من المسألة [يا قبيصة] سحت) السحت -بالضم وبضمتين-: الحرام أو ما خبث من المكاسب، فيلزم منه العار، أسحت الشيء: اكتسبه، والشيء: استأصله، كسحَّت فيهما، كذا في (القاموس) (٢). فعلى المعنى الأول يكون المراد بالمسألة ما يحصل بها، وعلى الثاني محمول على ظاهرها.


(١) "كتاب الميسر" (٢/ ٤٣٢).
(٢) "القاموس المحيط" (ص: ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>