للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ، وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: ٢٥٧٨].

١٨٦٦ - [٨] وَعَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تَصَدَّقُوا فَإِنَّهُ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يَمْشِي الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ فَلَا يجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا، يَقُولُ الرَّجُلُ: لَوْ جِئْتَ بِهَا بِالأَمْسِ لَقَبِلْتُهَا، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا حَاجَةَ لِي بِهَا" (١). . . . .

ــ

اللازم، ومركزها النفس، قال اللَّه تعالى: {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} [النساء: ١٢٨] فإذا انتهى سلطانه إلى القلب واستولى على عرش القلب ومنع عن أحكام الإيمان فهي مذمومة؛ لأنه يشح بالطاعة فلا يسمح بها، ولا يبذل الانقياد لأمر اللَّه، والشح في النفوس كالشهوة والحرص جبلت للابتلاء ولمصلحة عمارة العالم، فالمذموم أن يستولي سلطانه على القلب فيطاع، وهو المراد بقوله: (شح مطاع)، هذا خلاصة ما ذكره التُّورِبِشْتِي (٢).

وقوله: (حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم) أي: سائر ما حرم اللَّه عليهم من المعاصي، فهو أعم من سفك الدماء، وإنما حملهم الشح على ذلك لما فيه من التهاجر والتقاطع المؤدي إلى المعاداة المفضي إلى التشاجر والتقاتل.

١٨٦٦ - [٨] (حارثة بن وهب) قوله: (يأتي عليكم) الخطاب لجنس الأمة ولو


(١) قال القاري (٤/ ١٣٢١): وَهُوَ إِمَّا مِنْ غِنَاهُ الصُّورِيِّ مِنْ إِصَابَةِ الْمَالِ أَوْ لِغِنَاهُ الْمَعْنَوِيِّ مِنْ حُصُولِ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَوُصُولِ الْكَمَالِ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: يَعْنِي يَصِيرُ النَّاسُ كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ رَاغِبِينَ فِي الآخِرَةِ وَتَارِكِينَ لِلدُّنْيَا يَقْنَعُونَ بِقُوتِ يَوْمِ وَلَا يَدَّخِرُونَ الْمَالَ لِلْمَآلِ. انتهى.
(٢) "كتاب الميسر" (٢/ ٤٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>