للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا الْجَبَلَ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ وَيُتَقَبَّلُ مِنِّي أَذَرُ خَلْفِي مِنْهُ سِتَّ أَوَاقِيَّ". أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ يَا عُثْمَانُ! أَسَمِعْتَهُ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. قَالَ: نَعَمْ. رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: ١/ ٦٣].

١٨٨٣ - [٢٥] وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ، فَخَرَجَ. . . . .

ــ

ولا وعيد عليه، لاسيّما إذا وصلت فيه الحقوق من الصدقات النافلة (١)، و (هذا الجبل) إشارة إلى الجبل المتخيل المستحضر في الذهن تمثيلًا، أو يكون إشارة إلى جبل أحد، واللَّه أعلم.

وقوله: (ويتقبل مني) فيه مبالغة، أي: مع أنه يتقبل ويترتب عليه الثواب، و (أذر) مفعول (أحب) بتقدير أن بالرفع بعد تقديرها كقوله: وتسمع بالمعيدي.

وقوله: (ثلاث مرات) ظرف (قال) أي: قاله أبو ذر ثلاث مرات.

١٨٨٣ - [٢٥] (عقبة بن الحارث) قوله: (إلى بعض حجر نسائه) متعلق بـ (قام) أو (مسرعًا).


(١) قَالَ الطِّيبِيُّ: فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَضْرِبُهُ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِكَنْزٍ بَعْدَ إِخْرَاجِ حَقِّ اللَّهِ مِنْهُ؟ أُجِيبَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا ضَرَبَهُ لِأَنَّهُ نَفَى الْبَأْسَ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُحَاسَبُ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ بَعْدَ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ أَيْ: بِخَمْسِ مِئَةِ سَنَةٍ، وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْمَقَامَ الأَعْلَى هُوَ صَرْفُ الْمَالِ فِي مَرْضَاةِ الْمَوْلَى كَمَا هُوَ طَرِيقُ أَكْثَرِ الأَنْبِيَاءِ وَالأَصْفِيَاءِ، إِلَّا أَنَّ فِيهِ إِشْكَالًا وَهُوَ أَنَّ كَعْبًا أَشَارَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى إِجْمَالًا بِقَوْلِهِ: (لَا بَأْسَ) فَإِنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي الرُّخْصَةِ دُونَ الْعَزِيمَةِ، وَمَعَ هَذَا لَا يَظْهَرُ وَجْهُ الإِهَانَةِ لَا سِيَّمَا فِي حَضْرَةِ الْخَلِيفَةِ، وَلَعَلَّ أَبَا ذَرٍّ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الْجَذْبَةُ الْمُؤَدِّيَةُ إِلَى الضَّرْبَةِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِـ (لَا بَأْسٍ) نَفْيَ الْحُرْمَةِ أَوِ الْكَرَاهَةِ كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُ الشَّافِعِيَّةِ، وَالأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَلَعَلَّ هَذَا الْفِعْلَ وَأَمْثَالَهُ مِمَّا صَدَرَ عَنْهُ فِي جَذْبِهِ حَالَةَ أَمْرِ عُثْمَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِإِخْرَاجِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى رَبْزَةَ حَتَّى تُوفِيَ بِهَا -رضي اللَّه عنهما-. "مرقاة المفاتيح" (٤/ ١٣٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>