وقوله:(إلا الصوم) فإن ثوابه لا يقادر قدره ولا يقدر إحصاءه إلا أنا، فأنا أجزي به ما أشاء.
وقوله:(فإنه لي) أضافه تعالى إليه إضافة تشريف وتكريم كما في قوله تعالى: {نَاقَةُ اللَّهِ} مع أن العالم كله له سبحانه، وقيل: لأنه لم يعبد غيره تعالى به، فلم يعظم الكفار في عصر من الأعصار معبودًا لهم بالصيام، وإن كانوا يعظمونه بصورة الصلاة والسجود وغيرهما، وقيل: لأن الصوم بعيد من الرياء لخفائه، بخلاف غيره من العبادات الظاهرة، يعني: لا يدخل الرياء بفعله وإن كان قد يدخله بالقول كمن يخبر بأنه صائم، فإنما يدخل الرياء من جهة الإخبار، بخلاف بقية الأعمال؛ فإن الرياء يدخلها بمجرد فعلها، وقيل: لأنه ليس للصائم ونفسه فيه حظ، وقيل: لأن الاستغناء عن الطعام وغيره من الشهوات من صفات الرب تعالى، فلما تقرب الصائم إليه بما يوافق صفاته تعالى أضافه إليه، والموافق بسياق الحديث أن الإضافة لأجل أنه تعالى هو المتفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته.
وقوله:(يدع شهوته وطعامه) جملة موجبة لعلة الحكم، و (طعامه) من عطف الخاص على العام، وفي رواية:(طعامه وشرابه) فحينئذٍ يكون المراد بالشهوة شهوة الجماع.
وقوله:(فرحة عند فطره) إما بما يحصل من انتعاش الطبيعة بالأكل والشرب بعد الجوع والعطش مع ضميمة نورانية العبادة والتقرب والشكر كما قيل: الماء الحلو