للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٩٨٤ - [٣] وَعَنْ سَهْلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ١٩٥٧، م: ١٠٥٨].

ــ

لكن الرواية ههنا بالفتح (١).

١٩٨٤ - [٣] (سهل) قوله: (ما عجّلوا الفطر) مخالفة لأهل الكتاب، فإنهم يؤخرونه إلى اشتباك النجوم، وقال التُّورِبِشْتِي (٢): وقد صار ذلك في ملتنا شعارًا لبعض أهل البدعة وسمة لهم، ويعتقدون وجوب ذلك، ولو أن بعض الناس صنع هذا الصنع وقصده في ذلك تأديب النفس، ودفع جماحها، أو مواصلة العشاءين بالنوافل غير معتقد لوجوبه لم يضره (٣)، ويصحح هذا التأويل الحديث الصحيح الذي رواه أبو سعيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (٤): (لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر)، وتأخير الإفطار نظرًا إلى سياسة النفس وقمع الشهوة أمر قد صنعه كثير من الربانيين وأصحاب النظر في الأحوال والمعاملات، أعاد اللَّه علينا من بركاتهم، انتهى كلامه، وأقول: نعم


(١) قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ (٢/ ٤٦٣): وَالْمَعْنَى أَنَّ السَّحُورَ هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ، لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَهُ لَنَا إِلَى الصُّبْحِ بَعْدَ مَا كَانَ حَرَامًا عَلَيْنَا أَيْضًا فِي بَدْءِ الإِسْلَامِ، وَحَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ يَنَامُوا أَوْ مُطْلَقًا، وَمُخَالَفَتُنَا إيَّاهُمْ تَقَعُ مَوْقعَ الشُّكْرِ لِتِلْكَ النِّعْمَةِ، انتهى. "مرقاة المفاتيح" (٤/ ١٣٨١).
(٢) "كتاب الميسر" (٢/ ٤٦٣).
(٣) قال القاري: بَلْ يَضُرُّهُ حَيْثُ يَفُوتُهُ السُّنَّةَ، وَتَعْجِيلُ الإِفْطَارِ بِشَرْبَةِ مَاءٍ لَا يُنَافِي التَّأْدِيبَ وَالْمُوَاصَلَةَ، وقال: ثُمَّ رَأَيْتُ التُّورِبِشْتِيَّ قَالَ: وَهَذِهِ الْخَصْلَةُ الَّتِي لَمْ يَرْضَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَأَقُولُ: يُشَابِهُ هَذَا التَّأْخِيرُ تَقَدُّمَ صَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ، وَفِيهِ أَنَّ مُتَابَعَةَ الرَّسُولِ هِيَ الطَّرِيقُ الْمُسْتَقِيمُ، مَنْ تَعَوَّجَ عَنْهَا فقَدِ ارْتَكَبَ الْمُعْوَجَّ مِنَ الضَّلَالِ وَلَوْ فِي الْعِبَادَةِ، اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا صَحَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا أَعْجَلَ النَّاسِ إِفْطَارًا وَأَبْطَأَهُمْ سَحُورًا، انتهى. "مرقاة المفاتيح" (٤/ ١٣٨١).
(٤) أخرجه البخاري (١٩٩٣)، وأبو داود (٢٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>