بالظلمات التي تتطرق بها الشكوك والأوهام المنافية لحقيقة التصديق اليقيني الخالص، وإذا حصل التصديق اليقيني من غير شائبة شك ووهم، واستقام وثبت، ومع ذلك صدرت المعصية بعارض غلبة شهوة وحمية وأنفة، وأمثال ذلك؛ لم يخلَّ بأصل الإيمان، وليس العمل داخلًا في أصل الإيمان بل في كماله، وتمام شعبه وخصاله، وإذا ثبت أمره في النفس الأخير على ذلك يظهر نوره وتندفع ظلمته [التي] طرأت بالمعصية بمغفرة من اللَّه وتطهيره وتنقيته بالعذاب وشفاعة الشافعين، وذلك فضل اللَّه يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، ويغفر لمن يشاء، ويعذب من يشاء، وهو العزيز الحكيم، وهو على كل شيء قدير، وتمام هذه المباحث تطلب من كتب الكلام، فتدبر.
٢٧ - [٢٩](عبادة بن الصامت) قوله: (وأن عيسى عبد اللَّه ورسوله) فيه رد على اليهود والنصارى، الأول في الثاني، والثاني في الأول.
وقوله:(وابن أمته) الظاهر أنه رد على النصارى خاصة وتقرير له، قال الطيبي (١): وكذا على اليهود؛ براءة لساحته من قذفهم.
وقوله:(وكلمته ألقاها) سمي عيسى كلمة اللَّه لوجوده بكلمة {كُن} من غير أب، أو لأنه تكلم في صغره.
وقوله:(وروح منه) سمي بالروح لإحيائه الأموات أو القلوب، أو ذو روح صدر منه اختراعًا لا بتوسط ما يجري مجرى الأصل والمادة له.