للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الإمام الغزالي في (المقصد الأسنى في شرح الأسماء الحسنى) (١): المختار عندنا أن نفصِّل ونقول: كل ما يرجع إلى الاسم فذاك موقوف على الإذن، وما يرجع إلى الوصف فلا يقف على الإذن، بل الصادق منه مباح دون الكاذب.

وحاصله الفرق بين التسمية والتوصيف، فالتسمية بما سمى به الشخص نفسه أو سمى به وليه من والديه أو سيده، فاللفظ هو الاسم الموضوع للذات، وذلك -أعني وضع الاسم- تصرف في المسمى ويستدعي ذلك ولاية، ولذلك لو وضع غير هؤلاء اسمًا أنكره المسمى وغضب عليه، فإذا لم يكن لنا أن نسمي إنسانًا -أي: نضع له اسمًا- فكيف نضع للَّه اسمًا عزَّ وجلَّ؟ وكذلك في حق الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، فزيدٌ مثلًا اسمه زيد وهو في نفسه أبيض وطويل، فلو سماه أحد ودعاه بالأبيض أو الطويل غضب وكره، بخلاف ما لو قال: زيد الأبيض، أو: هو أبيض، هذا خلاصة كلامه، وقد فصّله تفصيلًا كما هو دأبه في توضيح المقاصد وتحريرها.

ثم قد اشتهر بين القوم أن العبد قد يتصف بصفات اللَّه ويتخلق بأخلاقه، ويروى أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (تخلقوا بأخلاق اللَّه).

وقوله: (إن للَّه أخلاقًا من تخلق بواحد منها دخل الجنة (٢)).

فإن قلت: ظاهر هذا الكلام يشير إلى إثبات مشابهة بين العبد وبين اللَّه سبحانه، لأنه إذا تخلق بأخلاقه كان شبيهًا له، ومعلوم شرعًا وعقلًا أن اللَّه تعالى ليس كمثله شيء، وأنه لا يشبه شيئًا ولا يشبهه شيء.


(١) "المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء اللَّه الحسنى" (ص: ٢٧).
(٢) لم أجدهما، وقال الغزالي في "الإحياء" (٤/ ٣٠٦): قيل: تخلقوا بأخلاق اللَّه، وعلق عليه الزبيدي في "شرح الإحياء" (١٢/ ٣٥٠): أي: تخلقوا بها في صفاته وأسمائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>