للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصفات من الرب إلى العبد أو لا بالانتقال، فإن لم يكن بالانتقال فلا يخلو: إما أن يكون باتحاد ذات العبد بذات الرب حتى يكون هو هو فيكون صفاته، وإما أن يكون بطريق الحلول، والمجموع خمسة أقسام، والصحيح منها قسم واحد وهو أن تثبت للعبد من هذه الصفات أمور تناسبها على الجملة وتشاركها في الاسم ولكن لا تماثلها مماثلة تامة، هذا محصل كلام الغزالي، وقد أبطل الأقسام الأربعة الباقية بما لا مزيد عليه فانظر ثمة.

قال الإمام أبو القاسم القشيري: ومما يجب أن يشتدّ به العناية أن يتحقق العبد أن المخلوق لا يجوز أن يكون متصفًا بصفات ذات الحق تعالى، فلا يجوز أن يكون العبد عالمًا بعلم الحق، ولا قادرًا بقدرته، ولا سميعًا بسمعه، ولا بصيرًا ببصره، ولا باقيًا ببقائه؛ لأن الصفة القديمة لا يجوز قيامها بالذات الحادثة كما لا يجوز قيام الصفة الحادثة بالذات القديمة، وحفظ هذا الباب أصل التوحيد، وإن كثيرًا ممن لا تحصيل له ولا تحقيق زعموا أن العبد يصير باقيًا ببقاء الحق، سميعًا بسمعه، بصيرًا ببصره، وهذا خروج عن الدين وانسلاخ عن الإسلام بالكلية، وربما تعلقوا في نصرة هذه المقالة الشنيعة بما روي في الخبر: (فإذا أحببته كنت له سمعًا وبصرًا، فبي يسمع وبي يبصر) (١)، ولا احتجاج لهم في ظاهره إذ ليس فيه أنه يسمع بسمعي ويبصر ببصري، بل قال: (بي يسمع)، قال النصر آبادي: اللَّه تعالى باق ببقائه، والعبد باق بإبقائه، ولقد حقق رحمه اللَّه وحصَّل، وأخذ عن نكتة الباب وفصَّل، هذه عبارته نقلها الطيبي (٢) في آخر الباب، فافهم.


(١) أخرج نحوه البخاري (٦٥٠٢).
(٢) "شرح الطيبي" (٥/ ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>