للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرَّقِيبُ،

ــ

حتى يحصل له شيء من ذلك أو الكل على ما يليق بشأنه، والأنبياء كلهم متصفون بذلك أتم وأكمل ممن عداهم، خصوصًا سيد الأنبياء صلوات اللَّه وسلامه عليه وعليهم أجمعين، فهو أكرم الأكرمين بعد اللَّه سبحانه.

وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم- في مدح يوسف عليه السلام: (الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم)، وقد يقال: إذا وصفت بالكرم فقد وصفت بجميع محامد الصفات، اللهم يا كريم خصنا بفضلك وكرمك، إنك أنت الكريم ذو الفضل العظيم.

وقوله: (الرقيب) قال الطيبي (١): هو الحفيظ الذي يراقب الأشياء ويلاحظها، فلا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.

وقال الغزالي (٢): هو العليم الحفيظ، فمن راعى الشيء حتى لم يغفل عنه، ولاحظه ملاحظة لازمة دائمة، سمي رقيبًا، فكأنه يرجع إلى العلم والحفظ، ولكنه باعتبار كونه لازمًا دائمًا. هذا وقد فسروا المهيمن بالرقيب لكن أخذوا في مفهومه المبالغة في الرقابة، وبهذا يخرج عن الترادف كما سبق.

والتخلق به: أن يكون العبد مراقبًا لربه بأن يعلم أن اللَّه رقيبه وشاهده في كل حال ظاهرة وباطنة، ويعلم أن نفسه عدوّ له والشيطان كذلك، وأنهما ينتهزان منه الفرصة حتى يحملانه على الغفلة، فيأخذ منهما حذره بأن يلاحظ مكانهما وتلبسهما ومواضع انبعاثهما حتى يسدّ عليهما المنافذ والمجاري، فهذه مراقبتُه.

اللهم أنت الرقيب على أحوالنا والعالم بسرائرنا، فاجعلنا مراقبين لك في كل حال


(١) "شرح الطيبي" (٥/ ٤٢).
(٢) "المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء اللَّه الحسنى" (ص: ١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>