للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْقَادِرُ، الْمُقْتَدِرُ،

ــ

من صمدتُ الأمر: إذا قصدته، وقيل: إنه المنزَّه من أن يكون بصدد الحاجة، أو في معرض الآفة، مأخوذ من الصمد بمعنى المصمَّد كمعظَّم، وهو الصلب الذي لا جوف له، ومن جعله اللَّه مقصد عباده في مهمات دينهم ودنياهم، أو رَسَخَ في الدين متصلبًا فيه، فقد حَظِيَ بمعنى هذا الاسم، لكن الصمد المطلق من يُقْصَد إليه في جميع الحوائج، وعُصم عن جميع الآفات، وليس ذلك إلا اللَّه الواحد الصمد، اللهم يا من يقصد في جميع الحاجات إلى جنابه، ويلجأ في طلب الرغائب إلى بابه، اجعلنا في جميع الأحوال قاصدين إليك، وراغبين فيما لديك، راسخين في دينك، ومستقيمين في طريق يقينك، آمين.

وقوله: (القادر، المقتدر) معناهما: ذو القدرة لكن المقتدر، أكثر مبالغة من القادر لزيادة البناء، والقادر هو الذي إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، والقدرة عبارة عن المعنى الذي به يوجد الشيء بتقدير الإرادة والعلم واقعًا على وفقهما، والقادر في الحقيقة هو الذي يخترع كل موجود اختراعًا ينفرد به ويستغني فيه عن معاونة غيره، وهو اللَّه تعالى، وأما العبد فله قدرة بإقدار اللَّه في الجملة على بعض الأشياء في بعض الأحوال [ولكنها] ناقصةٌ، ومخترعات العبد أيضًا واقعة بقدرة اللَّه، فحقيقٌ أن لا يقال له قادرًا إلا مجازًا مقيدًا، فليس القادر على الإطلاق إلا اللَّه.

قال الإمام الغزالي: وتحت هذا غور لا يحتمِلُ مثلُ هذا الكتاب كشفَه، ومن عرف أنه قادر على الكمال لا يزول خوفه منه ولا ينقطع رجاؤه إليه، ومن عرف أن المولى تعالى قدير ترك الانتقام، ثقة بأن قدرة الحق وانتصاره أتم وأشد من انتقامه لنفسه، والتخلق به بأن يكون قادرًا على منع نفسه من المخالفات، وردّ أعداء الدين بالجهاد والقتال، اللهم إنا ضعفاء فقوِّنا، وإنا عاجزون فأقدرنا، وانصرنا على من عادانا من

<<  <  ج: ص:  >  >>