وقوله:(العفو) وهو الذي يمحو السيئات ويتجاوز عن المعاصي، وهو قريب من الغفور ولكنه أبلغ منه، فإن الغفران ينبئ عن الستر، والعفو عن المحو، ومتى عرف أنه تعالى عفوٌّ طلب عفوه، ومن طلب عفوه تجاوز عن خلقه، قال اللَّه تعالى:{وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}[النور: ٢٢]، وغاية العفو أن يحسن إلى من ظلمه، كما يرى اللَّه تعالى محسنًا في الدنيا إلى العصاة والكفرة غيرَ معاجل لهم بالعقوبة، بل ربما يعفو عنهم بأن يتوب عليهم، وإذا تاب عليهم محا سيئاتهم، إذ التائب من الذنب كمن لا ذنب له، اللهم اعف عنا جرائمنا، واغفر لنا ذنوبنا، وامح عن جرائد أعمالنا هذه السطور، إنك أنت الكريم العفو الغفور.
وقوله:(الرؤوف) الرأفة شدة الرحمة، وقيل: الرأفة إحسان مَبْدؤه شفقة المحسن، والرحمة إحسان مَبْدؤه فاقةُ مَن أحسن إليه، قال بعض العارفين: ومن رحمته بعباده أن يصونهم عن موجبات العقوبة، فإن عصمته عن الزلة أبلغ في باب الرحمة من غفران المعصية، انتهى. قلت: لو جعل الرأفة عبارة عن المعنى الأول والرحمة عن الثاني فرقًا بينهما لكان وجهًا، واللَّه أعلم. وقد سبق الكلام في وجه التعلق والتخلق به في بيان اسم الرحيم.
اللهم ارحمنا، وارؤفْ بنا رأفة الحبيب بحبيبه عند الشدائد ونزولها، واحفظنا عن ارتكاب المعاصي، واعصمنا عنها قبل خطورها وحلولها، إنك أنت الرؤف الرحيم.
وقوله:(مالك الملك) هو الذي يُنفذ مشيئته في مملكته كيف شاء وكما شاء إيجادًا وإعدامًا وإبقاءً وإفناءً، ومملكة كل عبد بدنه وعياله ورعاياه، فينبغي أن يكون مالكًا لها نافذًا حكمه فيها كيف شاء على موافقة الشرع والعقل، اللهم مالك الملك ملِّكنا