للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذُو الْجَلَالِ، وَالإِكْرَامِ، الْمُقْسِطُ،

ــ

نفوسنا، ولا تجعلنا أسيرًا لشهواتنا، وانصرنا على مملكتها، واعصمنا عن تبعاتها، لك الملك ولك الحكم، وأنت ملك الملوك، وأحكم الحاكمين.

وقوله: (ذو الجلال والإكرام) الذي لا جلال ولا كمال إلا وهو ثابت له، ولا كرامة ولا مكرمة إلا وهي صادرة منه، فالجلال له في ذاته، والكرامة فائضة منه على عباده، وأنواع إكرامه عبادَه لا تكاد تنحصر وتتناهى، ويتضمن جملتَها قولُه تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: ٧٠]، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: ٣٤]، ومن عرف جلال اللَّه تذلل له، ومن عرف إكرامه شَكَره، فلا يخدم ولا يسأل غيره.

والتخلق بأن يحصِّل لنفسه جلالًا وشرفًا وكمالًا، ويكرم وينعم عباد اللَّه على ما يليق وينبغي، اللهم يا ذا الجلال والإكرام شرفنا بجلالك وكمالك، وخَصِّصْنا بإكرامك وإنعامك، واجعلنا متذللين عند مشاهدة جلالك، وشاكرين بملاحظة إكرامك مستصغرين من عداك، ومستنكفين عن السؤال عن الأغيار مستغنين بك عمن سواك.

وقوله: (المقسط) الذي ينتصف للمظلوم من الظالم، يقال: قسط: إذا جار، وأقسط: إذا عدل، فالهمزة للإزالة، قال الإمام الغزالي (١): وكماله أن يضيف إلى إرضاء [المظلوم إرضاءَ] الظالم، وذلك غاية العدل والإنصاف، ثم ذكر حديث إراءة اللَّه سبحانه الظالم الجنة، وقوله: من يشتري، وقول الظالم: ومن يطيق شراءه، ومن الذي عنده ثمنه، وقول اللَّه عزَّ وجلَّ: عندك ثمنه، وهو أن تعفو عن أخيك، والإنصاف من النِّصْف كأنه لما راعى الجانبين نصَّفَ، فنصف لهذا ونصف لذلك، والتخلق به أن يجتنب الظلم رأسًا على نفسه ثم على غيره ويسعى في إماطته، وأوفر العباد حظًّا من هذا الاسم من ينتصف أولًا من نفسه ثم لغيره، ولا ينتصف لنفسه من غيره.


(١) "المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء اللَّه الحسنى" (ص: ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>