اللهم اجعلنا من المقسطين، ولا تجعلنا من القاسطين، واحفظنا أن نظلم أنفسنا وعبادك المستضعفين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
وقوله:(الجامع) هو المؤلف بين المتماثلات، كجمعه الخلق الكثير من الإنس على ظهر الأرض، وحشرهم في صعيد القيامة، وبين المتباينات كجمعه بين السماوات والكواكب، والهواء والأرض والبحار، والحيوانات والنباتات والمعادن المختلفة، وكل ذلك متباين الأشكال والألوان والطعوم والأوصاف، وقد جمعها في الأرض، وجمع الكل في العالم، وكذلك بين العظم والعصب والعِرق والعضلة والمخ وسائر أجزاء الحيوان فيه، وبين المتضادات، كجمعه العناصر وكيفياتها في المزاج، وذلك أبلغ وجوه الجمع، ومَن جمع بين العلم والعمل والكمالات النفسانية والجسمانية فله حظ من هذا الاسم، قال بعض المشايخ: وقد جمع اللَّه قلوب العارفين إلى شهود تقديره حتى يتخلص من أسباب التفرقة، فلا يرى الوسائط ولا ينظر إلى الحادثات إلا بعين التقدير، وجمع همومَهم في طلبه وقلوبَهم إلى ذكره:{أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[الرعد: ٢٨].
اللهم اجمع فينا أسرارك وأنوارك، واجعلنا جامعين بين مرتبتي الفرق والجمع وشهود الوحدة والكثرة، واجمع بيننا وبين حبيبك المصطفى وآله وأصحابه وأتباعه يوم القيامة يا جامع المتفرقين.
وقوله:(الغني، المغني) الغني هو الذي لا يحتاج في ذاته وصفاته وأفعاله إلى غيره، ولا يتعلق بالغير، بل يكون منزّهًا عن العلاقة مع غيره، ويكون هو المغني أيضًا، ولكن الذي أغناه لا يتصور أن يكون غنيًّا مطلقًا، فإن أقل أموره أنه يحتاج إلى المغني كالواجب بالغير، والغني الحقيقي المطلق هو اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى