للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَانِعُ،

ــ

اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: ١٥]، وقد يغني اللَّه بعض عباده عن السؤال منه رضاءً بقضائه واكتفاءً بعلمه، ولكن ذلك لا يرفع الاحتياج الذاتي وإنما هو ترك الإظهار ورفع الاختيار، ومن عرف أنه المغني، وقطع طمعه عن سواه، ولا يسأل إلا إياه، فقد فاز بحظ من اسم الغني، ثم إذا سدّ خلة المحتاجين، وأغناهم عن السؤال، وأفاض من فضل نعمة اللَّه عنده على الفقراء والمساكين، حصل له حظٌّ من اسم المغني أيضًا، وفي دعاء بعض الأجلة من المشايخ: اللهم اجعلنا أفقر عبادك إليك، وأغناهم بالاكتفاء بما لديك، وأغنِنَا بلا سبب، واجعلنا سبب الغَناء لأوليائك وبرزخًا بينهم وبين أعدائك، واجعلنا راضين بقسمتك ومكتفين لعملك، فالسعيد حقًّا من أغنيته عن السؤال منك، والشقي حقًا من حرمته مع كثرة السؤال لك، فأغنِنَا بفضلك عن سؤالنا منك، ولا تحرمنا من رحمتك مع كثرة سؤالنا لك، إنك الغني المغني، وأنت على كل شيء قدير.

وقوله: (المانع) هو الذي يردُّ أسباب الهلاك والنقصان في الأبدان والأديان، والمنعُ من أسباب الحفظ، وقد سبق معنى الحفيظ، فمن عرف معناه عرف معنى المانع، فالمنع له أبواب غير منحصرة كما أن حفظه أنواع غير متناهية، فالمنع من ضروريات الحفظ ولوازمه، لا يحصل الحفظ بدونه، فالمنع إضافة إلى السبب المهلك، والحفظ إضافة إلى المحروس عن الهلاك، وهو المقصد من المنع وغايته، والمنع من البلاء لطف ظاهر من اللَّه، وقد يكون من العطاء لطفًا خفيًّا منه تعالى، وقد يمنع المنى والشهوات عن نفوس من أراد تخصيصه، ويمنع الإرادات والاختيارات عن قلوب من أراد تخليصه.

وقد ورد في بعض الروايات: (المعطي، المانع) في غير هذه الرواية من أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>