للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إلا اللَّه، وإن نظر إلى همته فلا همة له سواه، فيكون كله مشغولًا بكله مشاهدة، ولا يلتفت في ذلك إلى نفسه ليعمر ظاهره بالعبادة أو باطنه بتهذيب الأخلاق، وكل ذلك طهارة وهي البداية، وإنما النهاية أن ينسلخ من نفسه بالكلية ويتجرد [له]، فيكون كأنه هو، وذلك هو الوصول. هذا كلام الإمام، ويختلج أن كلام الشيخ بعد حصول التخلق بمعاني هذه الأسماء، فيتم بذلك السلوك ويحصل بعده الوصول، فما معنى قوله: وهو بعد في السلوك غير واصل؟ فافهم.

قال العبد الضعيف عفا اللَّه عنه: لا يخفى أن للتخلق والاتصاف مراتب ودرجات بعضها فوق بعض، وبهذا تتفاوت درجات الأولياء ومراتبهم، فيمكن أن يكون مراد الشيخ أبي القاسم من قوله: إن الأسماء التسعة والتسعين تصير أوصافا للعبد السالك، صيرورتَها في الجملة في أول درجاتها وما يليها، وهو بعدُ في السلوك، أي: في تتميم الاتصاف والتخلق وتكميله حتى يبلغ النهاية التي يمكن له البلوغ إليها، فإذا بلغ النهاية وصل هذا، ولو قيل بحصول الوصول في المراتب التي فوق مرتبة النهاية جاز إطلاق الوصول، لكن كلامه -قدس سره- في أعلى مراتب الوصول مما يبلغ به النهاية.

وهذا معنًى واضح يكون هو المراد إن شاء اللَّه، ويُستأنس له بما ذكر الشيخ العالم العارف الكامل شهاب الملة والدين عمر السهروردي رحمة اللَّه، في (عوارف المعارف) (١) مما يُشعر بتفاوت مراتب الوصول وتعددها: اعلم [أن] كل من وصل إلى صفو اليقين بطريق الذوق والوجدان فهو رتبة في الوصول، فيتفاوتون:

فمنهم من يجد اللَّه تعالى بطريق الأفعال وهو رتبة في التجلي، فيفنى فعلُه وفعل


(١) انظر: "عوارف المعارف" (ص: ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>