للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَجَعَلَ يَقُولُ: أَقْصِرْ عَمَّا أَنْتَ فِيهِ، فَيَقُولُ: خَلِّنِي وَرَبِّي، حَتَّى وَجَدَهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ اسْتَعْظَمَهُ، فَقَالَ: أَقْصِرْ، فَقَالَ: خَلِّنِي وَرَبِّي أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَبَدًا، وَلَا يُدْخِلُكَ الْجَنَّةَ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمَا مَلَكًا، فَقَبَضَ أَرْوَاحَهُمَا، فَاجْتَمَعَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي، وَقَالَ لِلآخَرِ: أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَحْظُرَ عَلَى عَبْدِي رَحْمَتِي؟ فَقَالَ: لَا يَا رَبِّ، قَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: ٢/ ٣٢٣].

ــ

اعترافًا بذنوبه وانكسارًا من جهة ذلك وترجيًا في مغفرة اللَّه وفضله، وقيل: يمكن أن يكون المعنيُّ بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: الآخر مذنب.

وقوله: (فجعل يقول) أي: حبيبه له: (أقصر) أي: أمسك (عما أنت فيه) من ارتكاب الذنوب، والإقصار: الكف عن الشيء مع القدرة عليه؛ فإن عجز عنه يقول: قصرت عنه، بلا ألف، كذا في (مجمع البحار) (١).

وقوله: (فيقول: خلني وربي) كان الرجل يستغفر ربه ويعتذر له فغفر له، وبهذا يناسب الترجمة، وظاهر الحديث أنه أدخله الجنة برحمته ومحض فضله، فالمناسب أن يذكره في (باب سعة رحمة اللَّه) الآتي.

وقوله: (أن تحظر) بالظاء المشالة بمعنى المنع والتحريم.

وقوله: (اذهبوا به إلى النار) خطاب للملائكة، وإدخاله بمجازاته على قسمه وحُكمِه على اللَّه تعالى بأنه لا يغفر الذنوب، المستلزمِ لإنكار صفة اللَّه إما عمومًا أو خصوصًا، وهو إما كفر أو معصية.


(١) "مجمع بحار الأنوار" (٤/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>