للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي: كِتَابِ "الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ" نَحْوَهُ. [جه: ٣٠٤٧].

* * *

ــ

اعلم أنهم قالوا: إن المراد بـ (الأمة) ههنا هم الواقفون بعرفة، ومن ههنا قيل: إن الحج يكفِّر حقوق العباد أيضًا، وقال الطبراني: هو محمول على الظالم الذي تاب وعجز عن وفاء الحقوق، وروى البيهقي نحو هذا الحديث، وقال: وله شواهد كثيرة، إن صحت فهي حجة، وإلا فقول اللَّه سبحانه: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} [النساء: ٤٨] كاف، والظلم داخل فيما دون الشرك.

وقال في (المواهب اللدنية) (١): قال الترمذي في الحديث الصحيح: (من حج ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه): وهو مخصوص بالمعاصي المتعلقة بحقوق اللَّه تعالى خاصة دون العباد، ولا يُسقط الحقوق أنفسها، فمن كان عليه صلاة أو كفارة ونحوها من حقوق اللَّه تعالى لا تسقط عنه؛ لأنها حقوف لا ذنوب، وإنما الذنب تأخيرها، فنفس التأخير يسقط بالحج لا هي أنفسها، فالحج المبرور يُسقط إثم المخالفة لا الحقوق.

وقال ابن تيمية (٢): من اعتقد أن الحج يسقط ما وجب عليه من الحقوق كالصلاة يستتاب وإلا قتل، ولا يُسقط حق الآدمي بالحج إجماعًا، انتهى.

وفي هذا من التشديد والتضييق ما لا يخفى، والمشهور أن حقوق اللَّه مغفورة بالحج، وفي حقوق العباد خلاف، والجمهور على أنه لا يغفر، وفضل اللَّه واسع، وظاهر الحديث عام، واللَّه أعلم.


(١) "المواهب اللدنية" (٤/ ٤٤٢).
(٢) انظر: "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (٥/ ٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>