للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْهَا، وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: ١٢٤٣].

ــ

وألقته، وأصله القطع، يقال: سلت الشيء: قطعه، وسلت أنفه، أي: جدعه، وسلت الشعر: حلقه، وسلت القصعة: مسحها بإصبعه، هذا وقال في (القاموس) (١): سلت دم البدنة: قشره حتى أظهر دمها.

قوله: (قلدها نعلين) أي: جعلها قلادةً في عنقه، قالوا: وكان من عادة الجاهلية إشعار الهدي وتقليده بنعل أو عروة أو لحاء شجرة أو غير ذلك، فقرره الإسلام أيضًا لصحة الغرض، واتفقوا على أن الغنم لا تُشعر لضعفها؛ ولأنه يستر بالصوف، ويقلد.

واعلم أن الإشعار سنة عند جمهور الأئمة، وروي عن أبي حنيفة أنه يستحب التقليد، والإشعار مكروه بدعة لأنه مُثلة وتعذيب للحيوان وهو حرام، وإنما فعله -صلى اللَّه عليه وسلم- لأن المشركين لا يمتنعون عن تعرضه إلا بالإشعار، وقالوا: إنه مخالف للأحاديث الصحيحة الواردة بالإشعار وليس مثلة، بل هو كالفصد والحجامة والختان والكي للمصلحة، وأيضًا تعرض المشركين في ذلك الوقت كان بعيدًا؛ لقوة الإسلام وشوكة الدين، هذا هو المشهور فيما بينهم.

وقد قيل: إن كراهة أبي حنيفة الإشعار إنما كان من أهل زمانه، كانوا يبالغون فيه بحيث يُخاف سراية الجراحة وفساد العضو، وكان يقول: يكفي التقليد في الإحرام ولا حاجة إلى الإشعار؛ لأن الإشعار مكروه، أو كره أن يشعر ولا يقلد، وأيضًا كان الناس في زمانه تركوا الإشعار، ولم يبق الإشعار علامة للإحرام، والذين يفعلون


(١) "القاموس المحيط" (ص: ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>