للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ،

ــ

ليس مما أحدثه الناس أو اختصَّ بشريعة، ويجوز أن يراد أنه خلقت هذه الأرض حين خلقها محرمة، كذا قالوا، والظاهر أن خلقها محرمة حين خلقها بمعنى تقدير التحريم فيها لا الحكم به بالفعل، وإنما حرمتُه في زمان آدم أو الخليل كما نقلنا، ويؤيده ما قيل: إنه كتب في اللوح المحفوظ يوم خلق السماوات والأرض أن إبراهيم سيحرم مكة بأمر اللَّه تعالى.

وقوله: (ولم يحل لي إلا ساعة من نهار) يدل ظاهرًا على وقوع القتال فيه، وقد وقع من خالد بن الوليد، وكان ذلك بأمر من النبي أو بإذن منه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولهذا ذهب الأكثرون ومنهم أبو حنيفة أن مكة فتحت عنوةً، وعن الشافعي وهو رواية عن أحمد أنها فتحت صلحًا؛ لأنهم لم يتهيؤوا للحرب، وإنما وقعت اتفاقًا بعد دخول خالد وتعرض بعض المشركين له، واعتذارُه -صلى اللَّه عليه وسلم- بحلِّ القتال له ساعة صريحٌ في وقوع القتال والفتح عنوة، وثمرة الخلاف أن من قال: فتحت عنوة، لا يجوِّز بيع دُورها وإجارتَها؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أخذها من الكفار وجعلها وقفًا بين المسلمين، ومن قال بالفتح صلحًا جوَّز ذلك لأنها مملوكة لأصحابها مبقاةٌ على أملاكهم.

وقوله: (لا يعضد) أي: لا يقطع (شوكه) فضلًا عن أشجارها، وقد وقع في رواية أبي هريرة: (لا تعضد شجرتها) قال في (الهداية) (١): فإن قطع حشيش الحرم أو شجره -وهي ليست بمملوكة وهو ما لا ينبته الناس- فعليه قيمته إلا ما جفّ منه، وما جف


(١) "الهداية" (١/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>