للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا،

ــ

من شجر الحرم لا ضمان فيه؛ لأنه ليس بنامٍ، ولا يرعى حشيش الحرم، ولا يقطع إلا الإذخر، وقال أبو يوسف رحمه اللَّه: لا بأس بالرعي؛ لأن فيه ضرورةً، فإنَّ منع الدواب عنه متعذِّر، ولنا ما روينا، وحمل الحشيش من الحلِّ ممكن فلا ضرورة، وبخلاف الإذخر لأنه استثناه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيجوز قطعه ورعيه، وبخلاف الكمأة لأنها ليست من جملة النبات، انتهى.

وعند الشافعي ومن وافقه: يجوز رعي البهائم في كلأ الحرم، ومذهب أحمد كمذهبنا.

سمعت الشيخ الإمام العارف باللَّه عبد الوهاب -رحمه اللَّه- يحكي عن عارضة عماه، وقد عرضه في أواخر عمره، أنه كان من أصحابنا رجل يسمى أحمد السقا، جاء بوَرد من الحرم، فناولنيه، فشممته ساهيًا أنه من الحرم، فكما شممت سرى ألم إلى الخيشوم كما تدبّ النملة حتى بلغ الدماغ، ووصل إلى العينين، وجعلت تزداد يومًا فيومًا، حتى صار ما صار، وآل الأمر إلى ما شاء اللَّه.

وقوله: (ولا ينفر) من التنفير، ويدلّ على حرمة الإتلاف بطريق الأولى، فالتنفر حرام، فإن تلف في نفاره قبل السكون ضمن.

وقوله: (ولا يلتقط) بلفظ المعلوم، و (لقطته) بضم اللام وسكون القاف، والأفصح فتحها، في (القاموس) (١): لَقَطه: أخذه من الأرض، فهو ملقوط ولقيط، واللَّقَطُ محركة وكحُزْمة وهُمَزة وثمامة: ما التُقط.

وقوله: (إلا من عرفها) من التعريف، يعني: ليس في لقط الحرم إلا التعريف،


(١) "القاموس المحيط" (ص: ٦٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>